قصة عجيبة وغريبة ذكرها الشيخ العلامة محمد بن علي جماح الغامدي رحمه الله
حيث قال: أقص عن والدي علي جماح ابن محمد رحمه الله وأسكنه فسيح جناته قصة حية غريبة من نوعها ومن أكبر المواعظ في الإخلاص بالتوجه إلى الله تعالى لا يخفى أن الناس قبل عام 1340هـ يسافرون على الدواب ومشياً على الأقدام مع وجود الخوف على أنفسهم ومتاعهم من السراق الذين يرصدون في الطريق لسلب المسافرين وقد عزم والدي رحمه الله تعالى على أداء فريضة الحج ومعه بعض أقاربه وفي أثناء الطريق بعد صلاة العصر دخلوا وادياً فيه نهر جاري وأظنه في قبيلة بني مالك وفوقهم من الأمام جبل صغير وعليه رجال مسلحون وكان الوالد ومعه رفقته فدعاه القوم من رأس الجبل متنكبين السلاح ومنصوبين عليه قال قائلهم : قف يا صاحب الجبة الحمراء.
وأقسم له لئن تحركت إلى الأمام لنطلق عليك السلاح فقال الوالد : وما هو طلبكم ؟
قالوا طلبنا هو أن تفارقوا كل ما معكم من متاع وتنجوا بأنفسكم .
فعرض عليه الوالد رحمه الله أن يقسم لهم من المتاع ما تيسر إن كانوا في حاجة إليه فأبو فعرض عليهم نصف المتاع الموجود فأبوا .
فـــــــــــــــــــــــمد الوالد يديه إلى السماء وقال : يا ذا الجلال والإكرام يا عظيم الشأن يا قديم الإحسان يا من إذا دعي أجاب وإذا سئل أعطى يا من يجيب دعاء المضطر إذا دعاه نسألك أن تكفينا شر هؤلاء المعتدين بما شئت وكيف شئت إنك على كل شيء قدير وتلا قوله تعالى ({وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} (25) سورة الأحزاب
قال رفاقه لم يكمل الدعاء حتى سمعنا صوتاً عاليا يشبه الرعد المتواصل وكنا ننظر إلى السماء موقنين بالإجابة وبينما نحن كذلك وإذا بالصوت قد اقترب منا وإذا به طائر يشبه الصقر في لونه إلا أن فيه جمالاً منقطع النظير حجمه أكبر من الصقر وأصغر من النسر .مر على القوم في رأس الجبل ولطم عريفهم بجناحه لطمة طرحته على الأرض بشدة وصاح القوم يطلبون الصلح والسماح والمقابلة .وأما الطائر فعمد إلى صخرة بجوار الطريق في مقربة منا ووقع على أعلى حجر منها واستقبلنا بوجهه وإنه لغريب وصفه وصعد الوالد رحمه الله تعالى على الصخرة حتى وصل إلى الذي عليه الطائر ومد ذراعيه إلى الطائر ليستقبله فأقبل الطائر رافعاً جناحيه على جنبيه واحتمله الوالد وضمه إلى صدره وقبله وأعاده مكانه ورغب إخوانه المرافقون له أن يستقبلوا الطائر كما استقبله الوالد فلم يمكنهم الطائر من حمله وتقبيله فأعاد الوالد احتضانه وتقبيله مرة أخرى وأطلقه على الصخرة فطار إلى السماء حتى غاب .
أما خبر القوم فطلبوا من الوالد رحمه الله أن يصعد إليهم فصعد ورقى ذلك المطروح على الأرض من أثر ضربة الطائر و شافاه الله وأفاق .ووعظهم الوالد وذكرهم بالله وعاهدوه على أن لا يعودوا إلى هذه الصنعة وعزموا الوالد ورفقته فأجابوهم وكانت منازلهم قريبة وبعد أن أقاموا بقراهم وإكرامهم أرسلوا معهم ثلاثة أشخاص مسلحين لمرافقتهم حتى أخرجوهم من منطقتهم الخاصة بهم .رويت هذه القصة عن والدي رحمه الله تعالى وبعض رفاقه في هذه الرحلة باللفظ والمعنى والهدف من روايتها الموعظة والاعتبار .وسرعة الاستجابة من الله تعالى لمن أخلإ له وتوكل عليه والتجأ إليه تحقيقاً لقوله تعالى {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (186) سورة البقرة
من كتاب رحلتي مع الإيمان والمدرسة السلفية والقرآن للشيخ محمد بن علي جماح ص141-142-143
رحمك الله ياشيخ محمد ووالدينا ووالديك رحمةً واسعة وكل من قرأ وجمبع من شهد لك بالوحدانية ولنبيك المصطفى بالرسالة.اللهم صلي وسلم عليه.