اختلط حب المساقي … وحب العثري وبعد يزيد. مثل وحكمة قيلت ببيت شعر .قائله من منطقة الباحة. فيه مغازي ومعاني كثيرة.
حب المساقي … وحب العثري ؟؟؟
ليست هذه قصيدة من التراث ولا قصة من الخيال. بل أردت توضيح وتقريب وجه الشبه بين أمرين.الأول حب المساقي وحب العثري – وبالمناسبة هنا كلمة حب بالفتح لا بالضم لأنني أخشى الخلط في عصر الهمبرقر والبيتزا والشاورما -والأمر الثاني تربيتنا لأولادنا وأنفسنا وتباين الناس في ذلك لكن لا بد من توضيح الفرق بين حب المساقي أو المسقوي وبين حب العثري لأن كثير من جيل اليوم لا يعرف عن هذه الأمور شيء وقد سألت بعض الشباب هل تستطيع أن تفرق بين القمح والشعير ؟؟ فوقف حائراً لم يجب !!
حب المساقي ياسادة هو الحب الذي يبذره المزارع بعد حرث الأرض ثم يتابعه ويعتني به سقاية وحماية وتنظيفاً إلى أن يحين وقت الحصاد أما حب العثري فقط يبذر الحب وينتظر أن يسقيه ماء المطر فيظل منتظراً سقوط الأمطار حتى يأتي وقت الحصاد وقد لا يأتي قد يقول قائل ما وجه الشبه بين الأمرين ؟؟
لي عودة إن شاء الله للتوضيح.
تحية عثرية. تعقيب من العضو المشارك (الفقيه)
أخي الكريم
حب المساقي هو الاجود لأن له عناية خاصة وري متتابع ومنظم فياتي حبه أفضل وأكبر وفي الزكاة أقل من زكاة حب العثري0 العثري غالبا يوجد على سفوح الجبال ويكون نتاجه أقل وجودته أقل وزكاته أكثر لأنه بلا مؤونة0وكذلك هناك شبه بين النوعين والأبن المعتنى به تربويا وبين الأبن الذي لا يعتنى به ويهمل 0
تعقيب من العضو المشارك (قينان)
أخي الشعفي .
طرحت موضوع جيد وليتنا نتعرف على كثير من الاشياء المندثره من الموروث .الأخوة الكرام معظمهم جانا بالمثل ( اختلط حب المساقي وحب العثرى )وهو يرمز لشيئين مختلفين جدا وقد قيل هذا المثل وتداول فيما مضي في اللعب فيقال اختلط بمعني…………أما الفرق فحب المساقي ياتي منتفخ شوى يغشاة الروا. وينكسر بسرعة .أما حب العثري فياتي نحيف وصعب كسره لأنه لم يسقى من المياة.وهذا هو الفرق ومعروف عند المزارعين .كما أن حب المسقوى ألذ طعم من حب العثرى .هذا مالدي وأفيدونا أن كان هناك إضافة.ترى العود نسي أشياء كثيره .البركه فيكم أيه الشباب في تذكيرنا وسامحونا.
بعد استعراض الردود من الإخوة الفضلاء ومن خلال الزيارات للموضوع اتضح حب الجميع للموروث اللغوي للمنطقة
وحق لهم ذلك فكم هي جميلة ومعبرة اندثر كثيراً منها ويا ليت يكون الاهتمام بها من الجميع الشعراء والأدباء والإعلاميين بل وحتى التجار فلماذا لا تكون أسماء المتاجر والمحطات والمؤسسات وقصور الأفراح من الموروث اللغوي للمنطقة ؟
وبالمناسبة اسمي من موروث المنطقة اللغوي وعندي رغبة بفتح محل تجاري أومحطة باسم محطة المسا قي !!! أو مخبز باسم مخبز حب العثري !!فهل من مشارك ؟؟
*******
نعود لصلب الموضوع وهو الربط بين متشا بهيين الأول هو: حب المساقي وحب العثري والثاني :تربيتنا لأولادنا واهما لنا لهم
وقد لمح الأخ الفاضل الفقيه في رده على ذلك.فالأب الذي عرف أهمية التربية وكرس جهده وبذل من وقته وماله في تربية أولاده لاشك سيجد الثمرة يانعة وسارة فيصلح الأولاد وتقر عينه بصلاحهم كما قرت عين ذلك المزارع الذي اعتنى واهتم بحب المساقي
فنتج صلاح ذلك الحب وجودته ونظارته ونتاجه وفي المقابل من أهمل تربية أولاده وتركهم هملاً كالأيتام بل أشد كما قال الشاعر :
ليس اليتيم من انتهى أبواه من
هـم الحيـاة وخلفـاه ذليلاً
****
إن اليــــتــيم الذي نـلقى لــــه
أماً تخلت أو أباً مشغولاً
هؤلاء الأبناء ستعترضهم صوارف الحياة وتجتالهم عواصفها دون أن يجدوا الحماية والرعاية من أحد فتارة أصدقاء السوء وتارة وسائل الإعلام الهدامةكمثل ذلك المزارع الذي زرع الحب العثري وتركه دون عناية ورعاية.فهذه الطيور تهاجمه من أعلاه والدواب والمواشي تنتقص من أطرافه والرياح والعواصف تذهب به يمنة ويسرة ما النتيجة ؟لاشك أنها لاتسره ولا عينه بها تقر ونتيجة الحصاد ستكون مرة
كما أن ذلك الأب الذي أهمل تربية الأبناء ستظهر له نتائج إهماله وهي إما عقوق وسوء معاملة مع والديه وإما بعداً عن الأخلاق والقيم
يلاحظها في سلوكهم وتصرفاتهم وما يمر علينا في الأسواق والمنتزهات والأماكن العامة إلا نتيجة إهمال ذلك المزارع وهو الأب فنتج ذلك الحب العثري واختلط وطغى على حب المسا قي وبعد يزيد !! لكم جميعاً أرق تحية ودمتم في رعاية المولى
الشعفي الثلاثاء 14/ 5 /1426هـ
عن منتدى الديرة
=================================
اختلط حَبّ المساقي وحَبّ العثّري
ولغير الناطقين بلسان أهل الجنوب، أولئك الجنوبيون الذين اسمرّت جلودهم تحت شمس القُرى المُشمسة المؤنسة، نقول: إن هناك نوعين من الحَبّ “بفتح الحاء والباء”، تبذره أيدي المزارعين الجنوبيين بتربة الأرض الزراعية، فإمّا “المسقوي”، وهو حسبما تقول الروايات، ذاك النوع من الحبوب التي يبذرها المزارع في الأرض، ويوليها عنايته بالسقاية والاهتمام، حتى وقت الحصاد الموسمي، فيجدها قد أينعت سنابل وأغاني، وإمّا “العثّري” فهو نوع من الحبوب الزراعية تُبذر في التربة فقط دون سقاية، وتظلّ تنتظر السقيا الإلهيّة، وقد تُنبت سنابل وقد لا تُنبت.
المقدمة هذه، أردت منها، إسقاط الضوء على شطر شعر جنوبي، في غاية الشهرة والذيوع والجمال والعمق، إذ يقول شاعره:
“اختلط حَبّ المساقي وحَبّ العثّري”.
هذا الشطر البسيط والعميق، لا يناقش الفوارق بين حبوب الزراعة من ناحية نوع السقاية التي أشرت إليها أول المقال، وإنما يناقش الفوارق النوعية بين أي صنفين أو نوعين من الأشياء كلها التي حولنا، من ناحية قيم الرداءة والجودة، رداءة العثّري، وجودة المسقويّ.
الشطر الشعري هذا، رغم بساطة لغته وفكرته، إلا أن فيه إسقاطا فلسفيا وفكريا عميقا، على كل مجالات الحياة الإبداعية والفكرية والاجتماعية التي تختلط فيها قدرات البشر بين الجيد والجميل والمبتكر، وبين السيئ والرديء والعادي.
مسح قرائي بسيط على منتوجنا الفكري والثقافي والإعلامي والاجتماعي، قادر على أن يعطينا نتائج كلها داعمة لصحة هذا الشطر الشعري العجيب، في وقت اختلط فيه الرديء بالجيد، والسيئ بالجميل، في كل مناح حياتنا اليومية الاجتماعية والإبداعية والفكرية والسياسية والإعلامية والرياضية، إذ زاد العثّري وفاض كيله، بجانب المسقويّ القليل والنادر، في حالة ربما لا تعرف معها، أين العثريّ وأين المسقوّي، فيما نراه ونعايشه.
عن الوطن الالكترونية-07 ربيع الأول 1437 هـ .لكاتب عبد المجيد الزهراني
===
صدقت ياغرم .. اختلط حب المساقي وحب العثري
اختلط حب المساقي وحب العثري وبعد يزيد ، عبارة كان يرددها غرم التهامي حين يشاهد وجوهاً غير مألوفة لديه ، غرم يقتعد ركن سوق أحد رغدان لبيع منتوجاته وهي من صنع يده (قفاف ، مقاشش ، مساطح ، وغيرها من المصنوعات السعفية) وأثناء وجوده في السوق يضفي بهجة لمرتادي السوق من خلال طريقة بيعه وأسلوب كلامه وحركة جسده ، ما أن ينفض السوق الشعبي من مرتاديه حتى يسارع في جمع ما بقي من بضاعته ليضعها على ظهر حماره, تلازم عجيب بينه وبين مركبته ليست سيارة من صنع الإنجليز أو الطليان أو الأمريكان ، أو حتى اليابان ، حمارة غبراء ألفته وألفها ، تلازم عجيب بينهما ، تنقل منتجاته اليدوية ليعرضها في أسواق سراة الباحة. وينتهي به المقام في رغدان وسوقها الأسبوعي الشهير الأحد.
\”غرم\” حاله فريدة في جَلده ، وصبره ، صنع له حذاءً من إطار السيارة فصّلها على مقاس رجليه ، أخذت قدماه في الانحناء بحسب انحناء قطعة الإطار الصلبة ورغم متانة الصنع إلا أنها بعد مشاوير طويلة صعوداً إلى قمة جبل, وهبوطاً إلى بطن واد تجد الحذاء تمزقت ليستبدلها بحذاء أخرى.
يقف غرم في منتصف سوق الأحد, وبصوته الحاد المميز وبإنشاد لا تنكره الأذن ينثر كلماته على رؤوس المتبضعين (اختلط حب المساقي وحب العثري .. وبعد يزيد) لتصبح العبارة مجمركة لغرم. وتوضيحاً لدلالات العبارة حب المساقي وهي الحبوب التي تنتجها الأراضي التي تعتمد على سقيا الآبار، أما حب العثري وهي الحبوب التي تنتجها المدرجات الزراعية في سفوح الجبال وتعتمد على مياه الأمطار . إلا أن غرم يقصد في عبارته اختلاط الأجناس البشرية التي لفتت انتباهه وهم من الصينيين الذين جاءوا الباحة عند تأسيس شركة كهرباء الباحة وكذلك الأمريكيين والأوروبيين والفلبينيين الذين اشتغلوا في مستشفى الملك فهد بالباحة عند افتتاحه.ووجدت بضاعته –المهملة- اهتماماً وإعجاباً وشراء من أجناس لم يتعود رؤيتها .
غرم كان وفياً حين بنى منزلين مجاورين في مسقط رأسه في قرية \” الجوة \” بتهامة أحد المنزلين سماه رغدان والآخر زهران .. ولم يدر أن قصرين ملكيين بهذين الاسمين في الأردن ، وسر تسميته لأن بضاعته كانت تجد إقبالاً وبيعاً في سوق رغدان وأسواق زهران الشعبية وبالمال القليل الذي جمعه بنى هذين المنزلين الحجريين الصغيرين .
ولما ذاعت عبارته الشهيرة في الأوساط الاجتماعية البعض توجس منها .. ماذا يقصد غرم ؟ هل لديه مآرب خفية ؟ إلا أن الدلائل تؤكد عدم ارتباطه بأية أيدلوجيات أو اتجاهات سياسية بل كان مغموساً في همه الخاص وبضاعته البسيطة ومكث غرم سنوات في رغدان . وقبل وفاته بفترة قصيرة جداً غادرها ليرتحل إلى مسقط رأسه ليموت.فيما ظلت عبارته يرددها الناس بعد وفاته بسنوات طويلة وما زالت الحقوق محفوظة للمؤلف. إلا أن مفاهيمها تشظت في ظل الظروف السياسية الراهنة التي يشهدها العالم العربي بعد معطف بو عزيزي التونسي.
عن جريدة البلاد- للكاتب جمعان الكرت.الاثنين 13 صفر 1440