نحو 20 ألف سعودي يتحدثون لغة غير مفهومة لغيرهم . وكذلك أهل فيفا فيديوهات
شاهدت على اليوتيوب تقريرا أثار دهشتي بالفعل تحت عنوان “قبيلة لا تتكلم العربية في السعودية”.. فأنا شخصيا أتوقع شيئا كهذا في لبنان والسودان والمغرب ولكن ليس في السعودية أو أي من دول الخليج.. غير أن الأمر حقيقة واقعة في المنطقة الشرقية حيث يعيش مواطنون يتحدثون اللغة المهرية التي كانت تدعى قديما اللغة الحميرية.. ويمكنك سماعها بنفسك من خلال إدخال الجملة السابقة في اليوتيوب!!
وما لفت انتباهي أكثر؛ أن هذه اللغة (الضاربة في القدم ويعود تاريخها لأربعة آلاف عام مضت) لم يعد يتحدث بها سوى 20 ألف شخص.. وهذا يعني أنها تدخل تحت فئة اللغات التي شارفت على الانقراض.. فحسب تقديرات اليونسكو تحتاج أي لغة في العالم إلى مئة ألف نسمة على الأقل كي تستمر في البقاء والاستمرار. وبسبب عوامل الهجرة وتدهور الاقتصاد وطغيان اللغات العالمية الكبيرة وتجاهل التعليم بلغات الأقليات؛ بدأت اللغات الصغيرة بالانقراض في معظم دول العالم!!
ويقدر أن ما انقرض من اللغات المحلية الصغيرة يفوق بأضعاف أضعاف المستعمل منها حالياً. فالغزو الاسباني لأمريكا الجنوبية قضى مثلا على 370 لغة محلية، وحين وصل الانجليز الى استراليا كانت هناك 250 لغة اصلية اندثر منها 213 حاليا. وفي الهند توجد 840 لغة محلية 30 منها فقط تستخدم في المدارس ووسائل الاعلام. ولا يوجد مكان في العالم يضم من اللغات كما في غينيا الجديدة (حيث يتكلم السكان ب 1060 لغة مختلفة) غير أن معظمها سينقرض قبل عام 2020 حسب تقديرات اليونسكو.. واليوم يتحدث (نصف سكان العالم) بست لغات كبيرة فقط هي المندرين الصينية والانجليزية والأسبانية والأوردية والعربية والبرتغالية..
والمفارقة هنا أن عدد سكان العالم تجاوز اليوم السبعة مليارات نسمة، في حين كانوا يتحدثون 6000 لغة حين كان عددهم لا يتجاوز أربعة مليارات فقط!!
وحسب آخر تقرير لمنظمة اليونسكو حول الاختفاء السريع للغات الصغيرة اتضح أن: 70% من لغات العالم المعروفة انقرضت قبل القرن العشرين، وأن 20 لغة محلية صغيرة (في المتوسط) تنقرض كل عام. وفي العشرة أعوام القادمة ستنقرض 162 لغة في افريقيا، و640 لغة في امريكا الجنوبية! أما في آسيا فنصف اللغات المحلية لا يتحدث بها حاليا اكثر من عشرة آلاف شخص! أما في منطقة الأمازون ف 80% من اللغات المستعملة لا يتحدث بها اكثر من 500 شخص!
وفي كندا والاسكا توجد 260 لغة هندية لا يتعلمها الاطفال بالمدارس (حيث تطغى الانجليزية)، أما اقرب اللغات للانقراض فهي لغة الكاريام في ليثوانيا التي لم يعد يتحدث بها سوى 50 شخصا، ولغة الباكا في الغابون التي يتحدث بها 52 شخصا، ولغة الكوماني في جنوب أفريقيا التي يتحدث بها 23 شخصا فقط، واللغة الآرامية (التي كان يتحدث بها عيسى المسيح)، وانحسرت اليوم الى حدود قرية صغيرة في لبنان!!
أتعرفون إلى أين يقودنا هذا في النهاية؟.. إلى اندماج بقية اللغات وحديث كافة البشر بلغة عالمية واحدة فقط.. تماما كما بدأ أبونا آدم وأمنا حواء حياتهم الجديدة على كوكب الأرض!!
عن جريدة الرياض