منقول.عكاظ تحاور «راعي الثلاث».. عفا وتبرع واستنجد بالشرطة لإكرام جاره
لم يصدق أحد أهالي حائل، أن «إخطار الحضور» الذي تسلمه لمراجعة قسم الشرطة، لا يعني أنه مطلوب للجهات الأمنية، بل مطلوب لجاره، وأمر الاستدعاء ليس بداعي الخصومة مع أحد، بل تلبية دعوة لمأدبة أقامها على شرفه وريث حاتم الطائي. وليست تلك الدعوة هي المرة الأولى التي تفوح منها رائحة الكرم الحاتمي في تعاملات المواطن سالم حسين الشمري مع كل من يعرفه، أو يلتقيه أو يصادفه، بل ذاع صيته في المنطقة، إلى الدرجة التي وصفه فيها الشاعر والباحث الاجتماعي شويقي البقعاوي العتيبي، بأنه «راعي الثلاث». «عكاظ» زارت حفيد حاتم الطائي في الخصال، سالم الشمري في منزله في حي المنتزه، لتبحث عما يتداول عنه من كرم فياض وجود إلى حد فوق الوصف، واستفسرت منه عما يُتداول، فكان كرم الرد يوشي بكرم الصفات. يقول الشمري لـ«عكاظ» لم أشأ اللجوء إلى هذه الطريقة ليقبل جاري دعوتي له على مأدبة تكريمية له، ولكن ما باليد حيلة، إذ كررت عليه الدعوة لمأدبة النزالة، وهي عرف اجتماعي معروف لدينا في حائل، وكان همي أن تندثر، وكلما دعوته يأتيني الرفض، حتى أعيتني الحيلة، حرصا منه على التوفير والرحمة بي، فلجأت إلى مركز الشرطة مستنجدا بهم ليقبل جاري دعوتي، ولقد كان أن لباها وله الشكر في قبولها. لكن فيض كرم الشمري لم يتوقف على من جاوره في حيه، أو أقاربه ومعارفه، إذ امتد إلى من يلتقيه في الشارع، لتجسد حادثة العفو عن صادم ابنه في حادثة مرورية، سابقة تستحق الذكر. سألناه عن تفاصيلها، فاعتبرها من أبجديات الصفح والعفو، التي ينال منها المرء بشريات ومنافع شتى في الدنيا قبل الآخرة، مضيفا «الأمر ببساطة أن تعرض ابني لحادثى دهس، ودخل على إثره العناية المركزة، فاتصل بي مرور حائل، ليبلغني ضرورة المراجعة لهم لاستلام أغراضه، وعندما راجعتهم، وجدت المتسبب في الحادثة (عامل ضعيف)، إنهار بالبكاء فور رؤيتي، وأبلغني أن تأمينه منتهٍ وهو ما يتسبب له في أزمة، فلم أتردد وأبلغته «التأمين الحقيقي عند رب الكون وليس الشركات والمؤسسات»، وتنازلت عنه لوجه الله تعالى. وأوضح أنه سرعان ما حصد نتيجة ما فعله، فلم تمض ساعات معدودات عن تنازله وصفحه عن داهس ابنه، حتى اتصلوا به من المستشفى يبلغونه أن ابنه الذي كان يعاني من نزيف داخلي، قد تماثل للشفاء بفضل من الله، وأن النزيف توقف، وقال “أفبعد هذا لا نملك الشجاعة في العفو عند المقدرة”، وشكرت الله تعالى أن مكنني من العفو وأن أعاد لي ابني معافى. وماذا عن الثالثة الشهيرة في الكرم الحاتمي؟ جاء الرد من الشمري قائلا “صديقي بدوي كان يعاني من الفشل الكلوي منذ 8 سنوات، وعانى كثيرا من مرضه، فلم أحتمل معاناته، وبادرت بفضل من الله بالتبرع له بكليتي ابتغاء وجه الله تعالى، ولقد من الله عليه بالشفاء، ويعيش الآن في أحسن حال بعد اجراء العملية الجراحية”. في منزل الشمري تأكد جليا أن حاتم الطائي الذي غاب جسده عن حائل منذ 1400 سنة، لم تغب خصاله، وكأننا نستمع لأبيات أبو العريان الطائي وهو يمدح حاتم الطائي بقوله: إني إلى حاتم رحلت، ولم يدع إلى العرف مثله أحد.