مقال جذبني >مستر بول< في الباحة.للكاتب جمعان الكرت
شعره الذهبي، وبشرته البرونزية، وعيناه الزرقاوان، كانت لافتة لانتباه طلاب الصف الثالث الثانوي بمدرسة السروات بمنطقة الباحة، فما أن ولج المعلم الأمريكي لمادة اللغة الإنجليزية الفصل – أي قبل خمسة عقود تقريبًا – وبدأ يُعرِّف بنفسه بلكنة أمريكية لم يستوعب الطلاب معاني الكلمات التي ينطق بها أو حتى مضامين الجمل، مما حدا بهم تقديم احتجاج قاسٍ لمدير المدرسة بتغيير المعلم، إذا أن بقاء المعلم يمثل لديهم قلقًا عندما يحل الاختبار بعدم القدرة على اجتياز مادة اللغة الإنجليزية. وبفطنة المدير وحكمته طلب إمهال المعلم لمدة شهر ليُرى أمره فيما بعد، نتج عن هذه المهلة البسيطة أن تحسس الطلاب جمال اللغة الإنجليزية وسلاستها وارتفاع مستوى جميع طلاب الصف في هذه المادة، بل تمكن بعض الطلاب من ارتفاع مستوى مهارة الحديث بالإنجليزي وكسر شبح الخجل والتردد. هنا نجح مستر «بول» في غضون أسابيع قليلة من خلال تدريسه المتمكن وتأسيسه لنادي اللغة الإنجليزية بالمدرسة وتحفيزه للطلاب قراءة الكتب والقصص الإنجليزية ومنح ثلاث درجات لمن يتمكن من قراءة قصة أو حكاية وإبراز استيعابه لمحتواها، ويهدف المعلم إلى تنمية مهارة الحديث وقراءة المزيد من الكتب وحفظ الكلمات وتجاوز هذا الأسلوب بعرض أفلام سينمائية تعليمية وتثقيفية في المساء، مما شوّق الطلاب لمدرستهم ورغّبهم أكثر في التعلّم. ورغم وجود عشرات من معلمي اللغة الإنجليزية إلا أن غالبيتهم محي تمامًا من الذاكرة، وبقي «مستر بول» كشاهد لنجاح طريقة تعليم اللغة الإنجليزية من خلال أصحاب اللغة نفسها، وهي خطوة اتخذتها وزارة المعارف – بحسب مسماها سابقا – في عهد الراحل الوزير عبدالعزيز الخويطر «يرحمه الله». وحديثي هنا الهدف منه الإشارة إلى تجربة ناجحة اتخذتها وزارة المعارف سابقًا وحققت هدفها بدلالة ارتفاع مستوى جميع الطلاب في تلك المادة، بل إن البعض سلك في تعليمه المستقبلي ذات التخصص للغة الإنجليزية. مازال الشعر الذهبي والبشرة البرونزية والعينان الزرقاوان راسخة في أذهان طلابه رغم مضي عشرات السنين كأفضل معلم إنجليزي مر عليهم في مراحل التعليم العالم. وهنا يمكن إعادة التجربة في تعليم اللغات سواء صينية أو فرنسية أو إنجليزية، وقبل ذلك الاختيار الدقيق للمعلمين الأكفاء من قاعات الدرس بدولهم.
عن صحيفة آراء سعودية