مقال أبهرني. لـ . د.شلاش الضبعان..لا أدري لماذا البعض لديه عداوة مع القلم والورقة وحتى الكتابة على الجهاز.
مر به الحوادث الاستثنائية التي تستحق الكتابة عنها فلا يكتب، يحضر المحاضرات ولا يكتب، يستمع للأشياء المفيدة ولا يحفظها بكتابة ما استثار فكره منها، تتوارد على ذهنه الأفكار المميزة فلا يكتبها فتضيع، ولو حفظها لكسب من خلالها الكثير في دنياه وآخرته، وقد قال الأول: العلمُ صيدٌ والكِتَابةُ قيدُهُ قيِّد صيودَكَ بالحبالِ الواثِقَهْ فمِنْ الحَمَاقَةِ أنْ تصيدَ غزالةً وَتَتْرُكَهَا بينَ الخَلائقِ طَالقَهْ والمعلومة الجميلة والفكرة المميزة غزالة رشيقة تستحق الصيد والاحتفاظ بها بلا ضرر ولا ضرار.
يقول البعض: ولكن المجتمع قاتل، وما تكتب سيكون تحت المجهر.وهذا قول من يطلب المستحيل فما من كاتب في أي مجتمع من المجتمعات وعبر التاريخ سلم من المجهر، وقد قال الجاحظ: لا يزال المرء في فسحة من عقله، ما لم يقل شعراً أو يؤلف كتاباً، وقيل: من ألف فقد استُهدف، فإن أحسن فقد استشرف، وإن أساء فقد استقذف، وقيل: عرض بنات الصُلب على الخطّاب أسهل من عرض بنات الصدر على ذوي الألباب.كل ذلك صحيح، ولكنه لم يمنع من قالوه والمميزين الذين سمعوه عن التأليف والعطاء، بل دفعهم وأعطاهم الأسلوب الصحيح في التعامل مع النقد، لا تتوقف ولكن جوّد عملك.
المانع الثاني للمميزين من الكتابة قولهم: أنا! ماذا أملك حتى أكتب؟! طلب الكمال أحد قتلة الإبداع، فمهما قدمت وأعطيت سيظل الأمر كما قال القاضي الفاضل عبدالرحمن البيساني -ويُنسب قوله للعماد الأصفهاني- “إني رأيت أنه لا يكتب إنسانٌ كتاباً في يومه إلا قال في غده: لو غُيّر هذا لكان أحسن، ولو زيد كذا لكان يستحسن، ولو قدِّم هذا لكان أفضل، ولو تُرك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العبر، وهو دليل على استيلاء النقْص على جملة البشر”، كما أن على أصحاب الرسالة أن يستشعروا أن غيابهم يجرئ غيرهم ممن دمار كتاباته أكثر من نفعها، ولذلك لابد أن يكتب المتميزون أصحاب الرسالة وسنظل نكتب معهم، وأعانكم الله.
جريدة اليوم- الاثنين 6 /4 /2020