” مبروك عليك البلاد” للكاتب والأديب. أحمد علي الزين موجهة إلى حسن نصرالله. يتهكم ويسخر فيها على خلفية كارثة مرفأ بيروت ..
فزت بها كاملة ، من أولها إلى آخرها ، بالحرب والسلم ،
بالعسف والخطف والنسف والنهب والسطو ،
والاغتيال ،
وكله مدرج في باب الاجتهاد ومشتقاته .،
مبروك عليك البلاد
بدل أن تكبر في زمانك ،
صغرت بين يديك !
صارت كرة ، تتقاذفها ، تارة بين لبنان و دمشق ، وتارة بين اليمن وبغداد ، وكثيرا ما أصابت البيوت في بيروت ، فتشظى قلبي ، ولبس أهلي السواد ،
يبدو أيها الرجل ،
أنت مغرم بالحداد
فمبروك عليك البلاد .
صارت في زمانك
دكانا للخردة ،
وسوقا” للندرة
كسوق الأحد ،
لبيع مقتنيات البيت ، من انية وثياب وكتب وأغنيات ، وليس من شار ، وليس من أحد ،
جعلتها أشبه بما بقي من ذكرى :
صورة لنا على الجدار نبدو فيها كأننا غرباء !! ابقيتها لي ، لأنها لا تنفعك ، ليس لحرصك على ما بقي من زمان أهلي ، وماذا تفعل بصورة لا نفع بها ولا تباع في سوق المقايضة ؟
مبروك عليك البلاد .
صارت في زمانك ملاذا للمشعوذات ، قارئي الكف والطالع والغيب . لمنتظري المعجزات ، للص يختبئ في ثوب زعيم او رئيس ، او فقيه او عامل خير ، وما شاكل من احتمالات انتحال في الشخصية ، والهوية ،
وكله يأتي في باب الجهاد والاجتهاد .
مبروك عليك البلاد .
في زمانك
صارت بيروت بدون مدينة
ورصيف
صارت مقهى بدون كرسي ،
وفرنا بدون رغيف
متجرا” بدون تجارة ،
بنايات شاهقات بدون عمارة ،
بحرا” وشراعا” بدون منارة
وصبية بدون حارة
وجهات بدون جهة و اشاره
وصارت مدرسة بدون أولاد
مبروك عليك البلاد .
صارت في زمانك
صبحا” بدون فيروز
وليلا” بدون قمر
وحانة بدون خمر .
وكأسا” بدون نديم
وطريقا” بدون وصول
وحزبا” بدون رفاق :
ماركسيا” بدون ماركس
عروبيا” بدون عرب ،
يمينيا” بدون يمين
يساريا” بدون يسار
وكنّا نسير الى الأمام ،
فجئت فأمرت الكتيبة :
در الى الوراء
فكل الوطن الى الوراء دار ،
وصرت كالمستجير من الرمضاء بالنار .
وصارت القدس التي قتلت أهلي لأجلها رهينة خاطفين ، او أكثر :
اشكنازي ، وفارسي واحيانا تركي ، او أفغاني منتحل صفة فلسطيني ،
وصرت بلا أهل بلا جيرة ، بلا صحبة ، بلا بيت ، بلا ديار .
وصرت حنجرة بدون صوت ،
وميتا” بدون موت
أعفني بالله عليك ، من سخطك وحقدك وشرّهك ومرضك وغيبك ، وصورك وصوتك ، وهذياناتك ، وصدقك وكذبك ،
ارحمني ، تعبت منك ، تعبت من آلهتك وتأويلاتك ،
حتى الله تعب منك ،
أرجوك ارحم بلادي
وأولادي وأحفادي …
ماذا أقول لك ؟
مبروك عليك البلاد ؟
من بقي فيها صار متسولا” أو منتحرا” أو متهما” ،
وهذا الذي لا ملامح له ” صاحب السراي الكبير ” ، الذي احتله مؤخرا” ، نتيجة عطب بليغ في التاريخ ، والذي لا يعرف أن أحدا ليس أكبر من بلده ، ولم ينتبه أنه صَغُر َ أكثر في أيامه ، الذي سُميَّ قبل مائة من السنين ، لبنان الكبير .
وذلك المُشفق عليه الجالس في القصر العالي ، يبدو لا يبالي ، أو يبدو ، لم يرسلوا اليه التقرير الأخير :
أن علينا وعليه وعلى الوطن السلام …
عن صفحة. خالد زيتون