لا أعرف معنى الأنوثة ..
أمي ,,
أظن أني لست بأنثى !
لا تطيلي النظر, نعم عرفت اليوم أني لست بأنثى
ومؤكد أني لست بذكر
ولست شيئاً بينهما, لكني على كل حال لا أبدو كأنثى
هذا ما قالوه لي
ولقد صدقتهم
فهم صادقون
وكل شيء أثبت ذلك يا أمي
فلست أنثى على كل حال
لا تظني أن ما أقوله يؤلمك وحدك فإنه يؤلمني قبلك
وعرفت بعد كل أعوامي تلك, أن الغلال التي أرتديها وأظن أنها رمز الأنسان
غلال الأدب والخلق والحكمة, ليست إلا ملابس ترتديها تلك التي نوت أن تجعل نفسها الآنسة عانس
أعتقد أنك أخطأتي يا أمي في تربيتي, عندما ربيتني على هذا
فها أنا مركونة الآن كسيارة قديمة انتهى تاريخها وبالكاد يُنظر إليها
يا أمي أنا أحترم الأدب والحياء والخلق, لكنه ليس عملة العصر
ليس نموذجاً يُسر ناظريه به
وكتبي يا أمي ليست إلا زمرة ورق, لا تنفع في زمن الحميرة إلا لأكلها
وخلقي أماه ليس إلا عقد مركبة, تجعلني لا أصرخ متى ما رغبت الصراخ ولا أصفق وأرقص متى
أحتاج الأمر لذلك
وحيائي ليس إلا شيء يجعلني في آخر الصفوف دوماً
وحشمتي عماً للأعين
وشعري الأسود الطويل, نسيج يدٍ عجوز
ووقاري يا أمي, جمودٌ وبلاهة
أماه, ما عجنتني لأكون كما يحب رجال اليوم
مغناج مرجاج
شقراء صهباء
منفوخة الشفتين زرقاء العينين
رقاصة ضحاكة
لا أعي ولا أفقه إلا نصوص الفلسفة وشعر الحداثة
لم تعلميني أن أكون بلا هوية و لا أرض ممسوخة المعالم مدمجة الحروف
فلا يُعلم أمن شامٍ أنا أم من غرب
ليس بصحيح ما كنت ترددينه على مسمعي, أن الفتاة عليها أن تكون أماً صالحة
فليس على الفتاة إلا أن تعرف كيف تكون مبذرة مسرفة مبتذلة متعرية حتى أولاءك الذين ينبذون هذا
الأمر لا يريدون إلا صاحبته
أماه لست على أرض غزة, تلك الأرض التي تروى بالدماء لأتزوج من أبناءها الذين ذاقوا معنى حرية النفوس رغم الحصار
ولست على أرض بغداد ولا الفلوجة بين أؤلاءك الأبطال الذين يرون الموت باب نصر
ولست بين الأفغان لأكون زوجة أهل الكهوف الذين لا يرون الدنيا ,,
أنا يا أمي على أرض النفط, بين تلك الأعين الزائغة والأنفس الحائرة, على أرض النفط التي تمسخت ومزقت ثيابها فضاعت معالم حقيقتها
أتراه النفط سودها؟!
وسود قلوب أهلها!
لم نعد بسطاء
ولسنا معقدين
ولكننا غير نافعين
بل تافهين
رؤوسنا حفر يملأها النتن, تحوي كل ما يلقى بها
وإعلام بائس علمنا هز الرؤس والضحك على مآسينا والبكاء على مآسيهم
لا تبتئسي يا أمي ,, لأني أؤمن بكل ما علمتني
فإني اخترت أن أكون عانساً
تغزل المبادئ وتحيك القيم وتخيط الخلق
ثوباً لمن يرغب أن يرتديه…
من عالم الأدب
ولكم الحب