عزيزي المتقاعد.. مُت من غير شر . للكاتب المتألق. خالد بن محمد البيتي. مقال أراح به نفوس المتعبين.
كم يبدو مؤسفاً أن يتطاول عاجز عن تحقيق النجاح في مؤسسته على رجال أفنوا أعمارهم في خدمة الوطن ويزعم أن طول أعمارهم كان وراء العجز في المؤسسة التي ينتمي اليها والتي حصدت مئات المليارات منهم على مدى سنوات اخلاصهم لوطنهم ..
وليس غريباً أن يجنح بفكره وأسلوبه مادام لا يشعر بمعاناتهم وأن الرواتب التي تصرف لهم ماعادت تسد الحاجة وأنهم في ضيق لا يعلم مداه إلا الله حتى أتوا على مدخراتهم التي جمعوها ليوم تغير فيه لون الحياة في ظل موجة الغلاء والضرائب والرسوم التي أكلت الاخضر واليابس ..
فهذا المتطاول كما رأيت عبر وسائل التواصل يتقاضى راتباً تجاوز مائة وأربعين الف ريال في الشهر وهو راتب أصبح مألوفاً للقياديين اليوم في بعض المؤسسات الحكومية وخاصة لذوي العقود ممن يشار لهم بأهل الخبرة وقد رأيت عجزهم وقصورهم أنا وزملائي في المؤسسة التي كنا ننتمي إليها وكانوا أكثر الناس عجزاً وأبعدهم مسافة عن الإبداع والتطوير حتى خرج علينا ذات يوم تلميذ إدوين لوك ليؤكد لنا أن تحقيق الأهداف المثلى للجهاز يبدأ من جرة الفول فجلب الفول والتميس لمكتبه وتناول افطاره مع شريكه في تحقيق الأهداف والتقطت الصور التذكارية التي قدمت لنا فشلهم منذ اليوم الأول على طبق الفول !! وربما كان وراء الفشل طغيان الزيت على الفول ..
ولا أدري كيف غاب هذا الفحش في الأجور عن هيئة مكافحة الفساد ..
أعود للضائق من طول أعمار المتقاعدين الذين أفنوا أعمارهم في خدمة الوطن ولو كان الموت بيده لحدَّد لكل متقاعد موعد نهايته حتى لا تتضرر ميزانية مؤسسته وربما كان أكثر رحمة بالمتقاعد فخيره بين الموت واستمرار الحياة مع عدم الصرف حتى لا يثقل كاهل المؤسسة التي يريد أن يضمن بقاءها لخدمة الأجيال اللاحقة !!
إن موظفي الأمس الذين بدأو حياتهم الوظيفية على المرتبة السادسة يوم كان راتبها ٣٨١٥ ريالاً وانتهت بهم الوظيفة على المرتبة الثانية عشرة وهم قلة بين موظفي الدولة لا يتجاوز متوسط دخلهم اثني عشر الف ريال في الشهر ولو أمضى الواحد منهم أربعين عاماً في خدمة الدولة يكون مجموع دخله بين ٥-٦ ملايين ريال !! هذا الدخل يحصده هذا المتطاول على المتقاعدين في أربع سنوات فقط دون البدلات والمداخيل الأخرى ..
وقد علمتنا الأيام أن الحاسد هو ذلك الذي يرجو زوال نعمتك ، وقد وصفه الإمام الشافعي بقوله :
وداريتُ كلَّ الناس لكنَّ حَاسدي
مُداراتُهُ عَزَّت وعزَّ منالُها
وكيف يُداري المرءُ حاسد نعمة
إذا كان لا يُرضيه إلَّا زوالُها ..
ولا أجد أبلغ من قول المتنبي لوصف حال المتقاعدين
ماذا لَقيتُ من الدنيا وأعجبُه
أني بما أنا شَاكٍ منهُ مَحْسودُ
لكننا اليوم أمام نوع جديد من الحاسدين تجاوزت أمانيه زوال النعمة إلى زوال الحياة ..
عن الواتس أب_16 /11 /1442هـ