الأدب والتاريخ

سيقتلكم الخوف والرعب.. كما قتل أخونا كمون قبلكم ..

جريدة الجريدة الكويتية | هل الخوف معدٍ؟


(أواعدك بالوعد وأسقيك ياكمون) ..
هذا مثل عربي مشهور وبالذات في العراق .. وكمون أسم شخص وليس نوع من الاعشاب . وقصة هذا المثل أنه كانت هناك قرية صغيرة يعيش فيها لقمان الحكيم في طرف وفي الطرف الآخر منها يعيش حكيم آخر يدعى كمون، وفي يوم من الإيام ذهب كمون الى لقمان الحكيم وقال: اسمع لا يجوز أن يكون في القرية الواحدة حكيمان؛ فيجب على أحدنا أن يرحل ويبقى الأجدر؛ فرد عليه لقمان الحكيم وما الحل برأيك؟ فأجاب كمون سأتحداك أمام جمع من الناس وليصنع كل منًا سماً يسقيه للآخر فمن إستطاع أن يعالج نفسه وينقذها فهو الحكيم الأجدر في البقاء في هذه القرية فوافق لقمان الحكيم على اقتراح كمون.
وفي يوم من الإيام وأمام جمع غفير من الناس صنع كمون سماً للقمان الحكيم ليسقيه إياه. حضر لقمان الحكيم الى الساحة بعدما أوصى زوجته بأن تحضر له الحليب المغلي والماء المغلي ففعلت زوجة لقمان الحكيم ما أمرها به زوجها فقام لقمان وأمام جمعٍ من الناس بشرب السم الذي أعده كمون وبعد ذلك سارع عائداً الى منزله وشرب الحليب المغلي وتقيأ السُّم وبعدها استحم بالماء المغلي ورجع لقمان الحكيم الى الساحة التي تجمهر بها الناس ليثبت لهم بأن سُّم كمون لم يتمكن منه ، عندها قال لقمان لكمون أمام الناس سأصنع لك سًّماً لن تستطيع أن تنقذ نفسك منه ولكن أمهلني (40 يوماً) وهي مدة التحضير فوافق كمون. عندها قام لقمان الحكيم بشراء مطحنة يدوية كبيرة وذهب الى بيته وبدأ في كل يوم يطحن بالمطحنة اليدوية حتى كان صوت رنينها يصل الى أسماع أهل القرية، وتملك الفضول كمون من صوت المطحنة الصادر من بيت لقمان وبدأ كل يوم يمر بجانب بيت لقمان فيسمع صوت المطحنة، وهنا أحس كمون بالقلق وما هو نوع السُّم الذي يصنعه له.
وبعد مرور (40 يوما) تجمهر الناس في الساحة ليشاهدوا مفعول السُّم الذي صنعه لقمان الحكيم، وعندما حضر كمون لتناول السم كان متعب هزيل البدن جاحظ العينين فتناول قدح السم من يدي لقمان وعند أول رشفة توفي في الحال عند ذلك تعجب الناس من قوة السُّم وتساءلوا عن سرعة مفعوله فأجابهم، أنا لم أضع سماً وان الذي شربه هو مجرد ماء لكن الذي أماته هو الانتظار والخوف والقلق الذي عاشه خلال (40يوماً).
نعم قد يكون كورونا فيروس معدي وقد يسبب الموت للبعض ويتطلب أخذ الحيطة والحذر منه وإجراءات الوقاية الصحية المطلوبة لكن ليس لدرجة الخوف والرعب المفرط لدى الناس في هذه الأيام وبالذات في مجتمعاتنا العربية . كثير من الدول سيطرت على الفيروس بإتباع الإجراءات الوقائية والعلاجية المطلوبة وبطريقة عقلانية على غير ما نلاحظه أو نسمع به في مجتمعاتنا العربية من ضعف الوعي الصحي بالاضافة الى الانتشار المكثف والواسع لاشاعات الخوف والرعب على مواقع التواصل الإجتماعي وأحاديث الناس .
تجمع الدراسات الطبية النفسية والطبية على أن إستمرار حالة الخوف والرعب تشل الجهاز النفسي وتضعف أو تربك أو تعطل جهاز المناعة الذي يعتبر خط الدفاع الأول لمقاومة الفيروسات أو أي خطر يهدد الجهاز النفسي والجسدي .
خليك مؤمن بالله حقا .. خليك مطمئن متفائل ..خليك مؤمن بالقدر خيره وشره مع الاخذ بكل الأسباب المطلوبة ..خليك بالبيت .. السلام تحية .
غير هذا سيقتلكم الخوف والرعب من كورونا وليس كورونا ..كما قتل الخوف والرعب أخونا كمون سابقا .
حفظنا وحفظكم الله من كل مكروه ووباء وبلاء .

ابو ناصر الغامدي

خبرة 22 عاما في التحرير و الصياغة الشرعية و النظامية لجميع الدعاوي

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x