بين ابتدائية العقاد ودكتوراه طه حسين
كلاهما ظهرا في فترة ليبرالية منفتحة على الغرب وتنهل من الثقافة العالمية ، بالإضافة الى ظروف كل منهما التي تميّزه عن الآخرين .
طه حسين كان كفيفا وأزهريا ثائرا وعنيدا وصاحب اسلوب أدبى رائع ، وأول من حصل على الدكتوراه في جامعة القاهرة ، ودرس في فرنسا ، وعاد نجما ساطعا يشارك في الحياة السياسية ويتولى رئاسة جامعة القاهرة ووزارة المعارف . كل هذا أعطاه شهرة ( أدبية ) .
وتميز العقاد بنفس العناد والكفاح وتحدى الظروف والنهم في القراءة وطلب المعرفة وكان أديبا وشاعرا وفاعلا في الحركة السياسية ، لكن تميزه الأعظم أنه لم يحصل على شهادة دراسية أعلى من الابتدائية . وعوّض هذا بكثرة مؤلفاته وسعة اطلاعه ، ونشاطه الثقافي وتكوين مدرسة أدبية من تلاميذه .
كلاهما ( طه حسين ) و ( عباس محمود العقاد ) تنافسا وتميزا في مجال ( الأدب ) وكانا معا من أعظم ( الأدباء ) و ( الكُتّاب ) . وكان ( الأدب ) عنوانا واسعا يضم كل من يكتب في النثر والشعر والحياة الاجتماعية والتاريخ وشتى الفنون . وعلى نفس المنوال كان عبد القادر المازني وشكري ومحمد حسين هيكل ومحمد فهمى عبد اللطيف ولويس عوض وكبار الصحفيين من الجيل التالي وأشهرهم أنيس منصور .
هؤلاء الكُتّاب الأدباء كتبوا في ميادين شتى من الأدب والنقد والتاريخ والاسلاميات ، ولكن لا تنطبق عليهم صفة ( الباحث ) المتخصص في الأدب والنقد والتاريخ والأصوليات ، فهناك مناهج بحث صارمة في هذه الميادين العلمية . كما لا تنطبق عليهم صفة ( المفكر ) فالمفكر هو الذى يأتي بأفكار جديدة في مجال بحثه لم تكن معروفة من قبل .
صفة الباحث المفكر والرائد الحقيقي تنطبق على العلامة ( أحمد أمين ) في ميدان الفكر الإسلامي ، وبسبب تفرغه للبحث وإخلاصه له لم يحظ بشهرة من هم أقل منه علما وشأنا ، وأقصد بالتحديد طه حسين و عباس العقاد .