اللـــص ؟!
في ليلةٍ باردةٍ .. شديدةِ البرد .. مظلمةٍ ..شديدةِ الظلمة ..اختلط فيها الخوف .. بأصوات حفيف الشجر وأسلاك أعمدة الكهرباء .. حتى لكأنك تستمع إلى صفير عواصف تزلزل الأفئدة..أقض مضجعَه-إضافة إلى ماذُكر- وقعُ أقدامٍ على سطح المنـزل في منتصف الليل .. تململ على فراشه .. حاول أن يستجلب النوم بالتحايل عليه ..فلم ينجح!
قامت أهل البيت (1) فزعة .. قالت بصوت متهدج : ( حرامي ..فوق البيت ).!!هب صاحبي واقفاً ..بحث عن شيء يكسر به رأس اللص (.. الحرامي)! استطاع أخيراً … وهو يمشي على رؤوس أصابع أقدامه خوفاً أن يوقظ أهل البيت الباقين ..أن يجد ..(عصا) غليظة ؛ لو ضَرب بها جملاً(..بعيراً) ! لفارق الحياة .. ما لم يُعمل له على الفور تنفسٌ اصطناعي..!صعد الدرج .. خطوة ..خطوة ..لا يتنفس .. ولا يهمس .. حاملاً تلك العصا بيده اليمنى ..رافعاً طرف ثوبه بيده اليسرى .. نافش الشعر ..فتح باب (بيت الدرج) على مهل .. دلف إلى السطح .. في شدة الظلام .. والبرد .. أخذ يخطو خطوة ..خطوة .. يرفع رجلاً ويضع أخرى ..تقدم مسافة لا بأس بها .. رفع رجله .. نقلها قليلاً
وضعها .. لكن ؟؟! على شيءٍ لم يكن في الحسبان .. ولم يخطر له على بال ..مطلقاً ..ـ في البداية ـ ظن أنه قد وضعها على طينٍ مبللٍ بالماء؛ رفعَ رِجْلَه.. أخذ بطرف إصبعه شيئاً مما علق برجله ..قرَّبه من أنفه .. شمَّه ..! وإذا برأسه يدور .. وتدور معه أنوار القرية كلها في الليل .. من هول الرائحة (الزكيَّة)! ..تعلمون لماذا؟! لأنه قد وضعها على (..فِعْلَةٍ) (2) ! مُخزيةٍ ! .. تكرم بها الابن (…..) في وضح النهار.. فبقيت معْلَمَاً شامخاً إلى الليل! نسي ساعتها مطاردة اللص ( الحرامي)! الذي لم يكن في الحقيقة سوى ( قطٍ) يسامر (حبيبته)! على طريقة القطط ..مواء .وأشجان … وبث هموم .. و( مخامشة بالأيدي)!! يقفز صاحبنا على رجلٍ واحدة ..قفزةً .. قفزةً ..حتى نزل من الدرج .. متجهاً إلى الحمام ( دورة المياه)! ليغسل ما علق بها من خزيٍ أطار النوم من عينيه .!غَسَلَهَا .. نَشَّفَهَا .. عاد إلى فراشه ..حاول التناوم ! حانت منه التفاتة إلى (زوجته) ..رآها غارقة في الضحك ..فلم يستطع أن يصبر ؛ أو يتمالك نفسه .. فانفجر هو أيضاً ضاحكاً على طرافة الموقف !! تذكر ..أن تلك العصا .. لا زالت بجوار ( المصيبة ) التي فوق السطح ! حلف ألاَّ يأخذها إلاَّ غداً صباحاً .. فلا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين ..!
منقول