الشيخ الوقور .منصور بن هاشم آل هاشم.. لقد سما وتجلى ابداعا. في وصف قرية الحمران.
المــقـدمــة
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له قيوم السموات والأرضين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إمام المتقين وقائد الغر المحجَّلين صلى الله عليه وآله وصحبه وسائر إخوانه النبيين وسلم تسليماً وبعد
البداية
البداية : أرسل لي صديق العُـمر الأخ محمد بن علي عوضه ( أبو سراج ) رابط خبر وموضوع .حين استخدمت الرابط ظهر الخبر ولكن مع مفاجأة جميلة لم أكن أتوقعها الخبر في صحيفة اسمها ( البيرق) لم أعرفها من قبل . وحين تصفحتها وإذا بها من إخواني وأحبتي (أبناء الحمران) وفيها الكثير مما يهم أبناء الحمران .ولما أُعـجِـبْتُ بها أخذت على غير عادتي أتجول في أروقتها وزواياها أقَــلِّب أخبارها وأكتشف خباياها وأُبلُـوَ أسرارها، فرأيت كثيراً مما سرني !وفي أحد أركانها ومعلوماتها نظرت كلمة تقول : (اكتب مقالاً) ورأيت رقم جوال التواصل و الوا تس مما سهل في ذهني فكرة كتابة مقال وشجعني .
كتابة لـمـلمة[1]
كتبت كلمات ولمـلَــمْـتُ شتات[2] وسطرت ذكريات يعلم الله ماكنت أظنها تبلغ ما بلغت من استحسان الأخوة الأعزاء وإنما قلت أُنَـمِّـي مهارتي وأوقظها بالكتابة لئلا تموت لطول السبات .
ويشهد الله أن ما كتبت ( الغريب والحمران ) كان في ظروف غير مناسبة وعلى عجل وزاد الطين ( بِلّة [3]) أنني تعجلت و أرسلت تلك اللملمات والكلمات الفجة دفعة واحدة إلى (صحيفة البيرق) دون مراجعة أو تدقيق كما يجب و كان عندي عدم مبالاة بأهمية ما سَطّـرَ( الوورد) وليس ( القلم ) فقط كتابة لتنمية المهارة وإيقاظها من سباتها ، فقد توقفت بعض الوقت بسبب العمل وظروف معاش الحياة .
كان تاج مقالي ومكسبي الذي أتشرف به تواصلي بأحبتي وإخوتي من بعد* طول *** عَــهـدٍ وبُـــعْــدَ زمان وغُـرْبَــةٍ .تواصل معي عدد من الإخوان بعد نشرها في صحيفتنا الغراء( البيرق) وبعضهم كتب في التعليق في الصحيفة يعبرون عن رغبتهم أن تُجمع تلك الكلمات واللملمات والهمهمات واللعثمات[4] في كتيب.
إعادة النَّــظــــــــــــر
وها أنا اليوم أعاود في (همهمتي) النَّـظَر وأوسع في لملمتي الفِــكَر وأُبْــعِـدُ الأُفُـقَ وأرفع البَـصَر نحو الأعالي و القمر وأحاول أدقق العبارة وأحَـقِّق الخَـبَر وقد توسعت (اللملمة) حتى نَــيَّــفت على مئة وعشرين صفحة ، لا لمجرد حشو الألفاظ وتـزاحم الحروف ، فالجَـوُّ كما تعلمون هذه الأيام حرارة عالية وفصل الصيف لا يحتمل الزحمة ، بل لتدقيق العبارة وتوسيع الفكرة والإثارة والتطرق إلى مالم يُــطْـرَق من قَـبْلُ من العجائب والغرائب والأحداث والعادات والذكريات التي لا مبالغة ولا تزيد[5] فيها مما أرجو أن يُــتَـوَّج برضاكم ويحظى بإعجابكم ويروق استحسانكم .
لم أقتبس معلومة أو فكرةً من أحد ، وإنما بعد فضل الله على هذا العبد دائمِ الضَّـعـف قليل الحيلة بسيط الوسيلة هي مما بقي في مخزون الذاكرة الكليلة و جُـهد الحيلة العليلة .مَادَّتُــها الزمان والمكان والصخر والمدر والشجر والحجر والزرع والضرع ورأس مالها (الإنسان).جمعت تلك البقايا المـتـناثـرة من هنا وهناك ولـمَـمْـتُـها وعقدت بين قرونها بـحَــبْكِ[6] السبك[7] والتناسق والتـناغم والمناسبة، حتى أضحت هذه اللملمة موضوعا ومقالا .أردتها أن تكون أشبه بقصة ورواية غير أن ما ميزها أنها حقيقة بلا زيادة .ما مـيَّـزها أنها رواية حقيقية ، ومشاهدها واقعِـيَّة ،لا خيالاً ولا تمثيلية .أستعمل أسلوباً بسيطاً مفهوما لدى جميع الثقافات والمستويات بعيدا عن التقعر والتنظير لتكون سهلة المنال بسيطة المقال فيما أظن .
تطـفلت عليكم ببعض التصويـبات اللغوية العربية الـمهمة التي يشيع فيها الخطأ.
وأنا هنا في البيت جالس بالمرصاد للمذيعين وبخاصة قناة العربية والحدث ، فكلما أخطأوا رفعت صوتي وعقيرتي : يا أستاذ أخطأت والصواب …. .. ثم ينزعج أهل بيتي من الصوت العالي والـصُّراخ المتكرر ويقولون : قد هددناك وحذرناك وأنذرناك وتَــوَعَّــدناك كرات ومرَّات وما زلت لم تَـرعوي[8] ولم تَـــتُــبْ وتزعجنا بصراخك، ثم يقولون : ما الفائدة تُــتْـــعِـبْ نفسك وتزعجنا بصراخك وهم لا يسمعونك ؟
فأقول : رويـدكم وحلمكم عليَّ وأنا أُخَــيَّـكُـم، هذا ذوق وحِــسٌّ يأباه الطبع والذوق السليم للعربية وتنزعج وتــنفر منه الأذن نفوراً حين تسمع الخطأ فاللغــة : عِــشْقُ الأُذُن .لست مفتي اللغة العربية وقاضيها(سيبويه) ولا بعض أبنائه ولا أحد جدوده، ولكن الحمد لله الذي لم يحرمنا من فضله .
ولذلك إن وجدتم شيئاً من الخطأ اللغوي ، فاعلموا عباد الله أنني كنت لحظة كتابتها أشـتَدّ مسرعا حَافِــيَ[9] القدمين رافِــعَــاً ثوبي بأطراف أسناني ، حاسِــرَ الرأس أتَـصَــيَّد وأُلاحقُ المعلومات في الذاكرة وألقي عليها شباك الصيد حتى لا تغيب عني ولا تَـتَــفَـلَّت مني فانشغلت بشيء عن آخر فلا تلوموني ، ثم إن الكمال عزيز .حاولت أنقل وأُصَــوِّر الحياة اليومية وبعض العادات والتقاليد الموجودة في قرية الحمران خاصة ، وأنقل شيئا من أسماء الأشياء والممتلكات والأماكن والجهات لتكون معلومة للأجيال القادمة وكل من هو آت .لم أذكرها مزبورة في موضع واحد بل كل شيء في مكانه ومناسبته . لذلك هي متفرقة في سطور هذه اللملمة وزواياها وثناياها ومُبَـعثَـرَة .ذكرت أسماء أصحاب المساكن التي مررنا من جوارها كل مسكن باسم صاحبه وأهله ،وربما له مسكن قديم في مكان ومسكن جديد في مكان آخر فأذكر كل مسكن في جهته وناحيته ولا أذكرهما في موطن واحد .لعلي لم أترك مسكنا من المساكن ، لتعلم الأجيال أين كان بيت ال فلان القديم وال فلان لأنني على يقين أنه سوف يأتي جيل لا يعلمون مواقع مساكن أقاربهم وربما أهلهم القديمة ، فحين يرجع إلى هذه اللملمة سيعرِف من خلالها موقع مسْكَـنَ أصوله وأقاربه أو أي أحد من أهل القرية بل ويستطيع عمل خارطة جغرافية من خلال الوصف .وللعلم ذكرت المساكن التي كانت موجودة وقائمة حتَّى أواخر الثــمانين الهجرية ، ولم أذكر ما استُــحْدِث بعد ذلك التاريخ من المساكن .
المساكن غير البيوت .
المساكن هي: البناء القائم الذي يَسْتَكِنُّ الناس في داخله.
وأما البيوت : فالبيوت المقصود بها العوائل والأُسَـر.
فالمساكن بهذا المفهوم لم أذكر إلاّ ما كان قائماً قبل التسعين وثلاثمائة وألف هجرية وقد أتي عليها الحصر جميعها ، كذلك البيوت والأسر لم أترك أحدا.وقد كنت أتمنى لو كانت لي قدرة ودراية بالرسم الهندسي لرسمت خريطة في النهاية توضح مواقع المساكن، ليكون الأمر أكثر وضوحاً ولعله يتطوع بهذا بعض الإخوان أو الأبناء المهندسين من أبناء القرية ويضمونه إلى هذه اللملمة.بحيث يرسم مسار المساكن والطرقات والمسارب من غير أن يكتب عليها أسماء بل أرقام فقط ، ثم تحت الخارطة مع كل رقم اسم أصحاب المسكن ، أو اسم الطريق أو غيره .
حاولت أن أذكر أسماء أقارب كثير من البيوت ومع من يرتبطون في النسب أو القرابة والمصاهرة ، حيث بفضل الله أعلم الكثير والكثير من ذلك ، لكن بدا لي أن أعرض عن هذا الأمر وإن كنت ذكرت نَـزراً يسيراً من ذلك فما ذكرته كان عرضاً ليس إلاّ … ذكرت بعض أسماء الطرق (المسارب)[10] وهي التي بين المساكن بالاسم المستعمل المتعارف عليه في القرية ، وميزتها عن (السابلة) غالبا .
والسابلة ، يغلب استعمالها في الطُـرُق بين المزارع ، وأحيانا في القرية لكن ليس بين المساكن المجتمعة فمثلا : الطريق بين بيت الشيخ سعد بن ذوب وبيت الهنيدي قد يقولون عنها (سابلة) بينما مثلا الطريق من صُفَّة صُهبَان إلى بيت كعبش ومعيض بن حميد لا يقال إلاّ (مسراب) في استعمال القرية ، هذا في حد علمي .
أما ذِكر الآبار التي زادت عن سـتين بئراً في الحمران عدا يفاعة فبها تقارب ثمانين بئراً ،فهو للإعلام بوجود الحياة في قرية الحمران ، وقرية أو مجتمع بلا آبار أو ماء فلا حياة! فهل كنت تتوقع وجود هذا العدد من الآبار ؟ومع اليفاعة ربما بلغ ثمانين بئراً .وللتعريف بأن القرية مادام فيها هذا العدد من الآبار فهو يدل على ما وراء ذلك ، فالبعرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير .ووجود هذا العدد من الآبار يعني اشتغال كَـثِــيرٍ من أهل القرية بالزراعة ، واشتغالهم بالزراعة يدل أن أهل القرية كانوا في خير ونعمة ورزق وفير وفعلاً كانوا كذلك بفضل الله .ثم الهدف من الإسهاب في تعداد الآبار وتعيين مواقعها والتعريف بأسمائها لِـتُــعْـرَف مواقِــعُها وحصر عددها ، وكنت أتمنى لو عرفت كل بئر باسمها لأنني قد نسيت بعضاً من الأسماء لبعد العهد وطول الزمن حيث مضى أكثر من خمسة وخمسين عاماً وربما يكون ذلك ويتحقق لو حصل لي سفر إلى القرية.
ذكرت أسماء بعض النباتات لأذكِّر الأجيال بأسمائها وأوصافها واستعمالاتها.و دبَّــجدتها بذكر بعض الألعاب القديمة للتذكير بأسماء وهيئات تلك الألعاب الطفولية البريئة التي ربما بعض الكبار نسي اسمها بعد أن كان يمارسها صباح مساء (الهيئات : الكيفيَّة) .بين الحين والحين ربما فَرَطَت مني دعابة أثناء الكتابة ، ذوقكم يَـقْـبَلُها وكرمكم يَـغْـفِـرُها.أتشرف بمن يصحح لي معلومة خاطئة أو فكرة غير صائبة أو كلمة في غير موضعها .كما أتشرف بمن يزودني بمعلومة كانت عني غائبة أو في السُّـبات نائمة .ولذلك أطلب من الأخ محمد ( أبي عماد) إعادة نشرها باسم :
( الحمران أول منزل)
ليتمكن الجميع من مطالعتها وإبداء آرائهم وتصحيح المعلومات في حال الخطأ ، حتى لو طبعت بعد ذلك في كتيب ( إذا رأيتم ذلك، كما رغب بعض الإخوان) فحينئذٍ تكون معلومتها منقحة موثقة فلربما تكون مرجعا أو شبه ذلك للأبناء والأجيال في قادم الأيام والزمان ، ومعرفة (بعض) تاريخ وعادات وحياة أهل هذه القرية العريقة الكرام .
(وقلت بعض العادات وليس كل العادات لأنني لم أستوعب كل العادات)
حاولت تفسير كثير من الكلمات والأدوات وغيرها ، وأعتذر للقراء الكرام، لئن العَــالِم لا يُـعَلَّم ، والمعلوم لا يفسر، ولا يُـفَسر إلاّ المبهم ، فكيف أفسر لهم ما يعرفون وأُفَـنِّـدْ مالا يجهلون، ولكن قصدت من هذا التفسير الأجيالَ الشَّـابة القادمة التي قد لا تعرف هذه الأسماء والمصطلحات.
هذا جهدي الكليل وقـدرتي ، وهذه بِـضَاعَتي و صَــنْـعَــتِي ( ما صنعت) أرقُبُ[11] فيها حُـكْـمَ أهلي وإخوتي .رجائي تَلَطـَّـفُوا في الحكم وقَـدِّرِوا ضعفي وشيـبتي لئلا تُـصَاب بالإحباط هِـمَّـتِـي ولا تطير عني فرحــتي وغبطتي .أشكر سلفاً وخلفاً [12] كل من تكرم ومـنحني جزءاً من وقته فنظر هذه الهمهمة ، وقرأ نُــثَـار اللملمة والكلمات الملـعثـَمة .
ذيلتها بتوقيع الغريب ، لأنني منذ صرختي يوم ولادتي إلى آخر لحظة من حياتي غريبٌ في هذه الدنيا ، ولن تَـزول عَنِّي هذه الغُـربةُ إلاّ حينما يقول لي رب العالمين يوم القيامة إن شاء الله بفضله وعظيم رحمته : رَحِـمْـتُك يا عبدي وغفَرتُ لك ورضيت عنك . قولوا معي اللهم بلغه . أسأل الله يبلغني وإياكم منازل الرضى لديه .
هذا ودمتم سالمين .
….. الكلمات …..
[1] – ( اللملمة : ما جمعته من الحروف والمعاني)
[2] – ( شتات : الشيء المُـتَفَرِّق)
[3] – بلة بالكسر(اسم هيئة) ويخطئ من يقولها بـ (فتح الباء)
[4] – ( اللعثمة ضَعف الإفصاح عن المراد)
[5] – . ( التزيد : الكذب )
[6] – (عمل محبوك : مُتقَن ومحكم)
[7] – (سَبْكُ الكَلاَمَ : تحسينه ورصفه وتهذيبه) .
[8] – (لم تَـرعوي : لم تَـكُـفَّ)
[9] – ( حافيَ : حال ثان والحال الأول مسرعا، ويوجد حال متكرر أربع مرات في هذا التعبير كما يوجد أكثر من جملـة حاليَّة) ذكرت هذا للعجب الموجود فيها
[10] – المسراب له أصل في العربية وفي المعاجم : مسرب اسم مكان من سرَبَ ، مَسْرَبُ الْمَاءِ : مَسِيلُهُ ، مَجْرَاهُ
المَسْرَب : مكان السُّرُوب ، المَسْرَب : جزء طولي من الطريق
عن البيرق-6 أغسطس، 2018