الأديب.الموسوعة..غرم الله بن حمدان الصقاعي الغامدي. يرحمه الله
توفي الصقاعي -يرحمه الله- وهو في رحلة ثقافية إلى تونس بدعوة من اتحاد الكتاب التونسيين.
ويعتبر الصقاعي من رواد الشعر والثقافة في منطقة | الباحة ومن أكثرهم حضورا ومشاركة في مناسبات | مختلفة داخل المملكة وخارجها ، وقد عمل معلما ثم مديرا لمدرسة الفلاح ببني كبير لعدة سنوات قبل أن يعمل مشرفا تربويا في تعليم الباحة ثم أحيل على التقاعد المبكر . وقد صدر له ديوانان « لا إكراه في الحب » | والآخر « ولغوايتهن أقصد » . | وقد فجع الوسط الثقافي والاجتماعي في المملكة | بوجه عام وفي الباحة بوجه خاص بنبأ وفاة الشاعر والأديب المثقف غرم الله بن حمدان الصقاعي ، الذي ملأ | الأرض ضجيجا بشعره وفكاهته وثقافته العميقة . . وشارك في العديد من المناسبات والمهرجانات الثقافية والأدبية على مستوى المملكة | وخارجها . وكان من أواخر ما كتبه قبل يوم من وفاته في صفحته | على الفيس بوك هذه الخاطرة الجميلة التي يتحدث وكأنه يحس بعام ثقيل سيمر على أحبابه ومحبيه عند فقده : « هذا العام يتقدم ببطء شديد لقد أوثقوا | أقدامه بالعام الذي سبقه ويحهم يجبرون غريبا أن يقع في الوحل وبرك الدماء امنحوا الغريب فرصة . . ) « المدينة » التي استضافت الفقيد في عدة مقالات ومشاركات ثقافية في عددها اليومي أو ملحق الأربعاء تشارك في تأبينه حيث نعاه بعض من أصدقائه المثقفين | يقول صديقه الحميم د . علي الرباعي الذي أثر عليه نبأ | وفاته فتحدث لـ » المدينة « من المستشفى : أستطيع القول بأن الفقيد – يرحمه الله – يصدق عليه مسمى « المثقف الشامل والموسوعي » الذي تجد لديه علما بالتاريخ والأنساب ، وبالقضايا الفكرية العامة وبالإبداع ، فهو كشكول . . وقد كان بيننا كثير من التكامل . و قال د . عبد الله غريب نائب رئيس النادي الأدبي بالباحة : كان الفقيد مكابدا ومثابرا لا يعرف اليأس ولا | ينثني لما قد أصابه من فقد زهور الحياة وزينتها بل عاش مرفوع الرأس باذل العطاء سخيا مضيافا كريم السجايا ، وكان المشاركاته ومداخلاته نكهة خاصة وطعما مميزا ويقول الدكتور جمعان عبدالكريم الأستاذ بجامعة | الباحة : كان غرم الله الصقاعي مثقفا من طراز خاص ويعد بحق من الجيل المناصر للحداثة بمفهومها العام وليس بمفهومها الشعري . . كان أبا للثقافة ومشاركا قويا في العمل الاجتماعي والخيري في منطقة الباحة . ويؤكد الأديب والمثقف عبدالقادر سفر : وتتقزم الكلمات أمام شموخه غرم الله الصقاعي وتضج باحة | الوفاء بالدموع ليوم الرحيل وقد رافقته شاعرا مبدعا ما تخلى عن حريته سبرته إنسانا وفيا معطاء نقيا | عزاؤنا أن رحلت أنك قد خلدت حبك في القلوب تحيا ما | بقيت حياة .
ولم يشأ الشاعر ورئيس نادي الباحة الأدبي حسن بن محمد الزهراني أن تمر مناسبة تأبين غرم الله | الصقاعي – يرحمه الله – دون أن يدون قصيدة خاصة للشاعر الراحل اختص بها « المدينة » عنوانها « كان اللفقد معناه » : كانت البارحة ليلة من دموع كل ساعتها جمرات من الآن لا تنتهي كان للفقد معناه كان الصقاعي يكفكف ما ذرفته القلوب عليه بمنديل إلهامه | المتدفق
من شاهقات الشجون . . * * * يا صقاعي لك الخلد مادام للشعر ميزانه ومادام للوجد أشجاره في العروق نحن من باغتتنا المنيه بعدك يا خالدا في رياض القلوب وما بين أعيننا وجفون . . * * *
ربما لم تكن ربما لم نكن ربما ربما ربما لكن الشعر يجمعنا في صعيد التعالي ويرسمنا في سماء السمو النقية غيمات حب وينثرنا في دروب الحيارى شموعا من الورد والأمنيات وفي حالكات الليالي بدورا يسير على طهر أضوائها العاشقون . . * * *
بدورا يسير على طهر أضوائها العاشقون . . * * * الوداع الوداع واللقاء اللقاء القريب فنحن هنا مثلما أنت عندك إن كنت حيا فإن الحياة الحياة لنا وإن كنت ميتا فإنا هنا ميتون فإنا هنا ميتون فإنا هنا ميتون . .
أما علي بن سعيد قشاط من أصدقاء الفقيد المقربين : يقول بفقد الصقاعي فقدنا رجلا شهما نبيلا | واديبا وشاعرا رائعا بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، فقدنا أخا ستبقى ذكراه خالدة في قلوبنا وسنبكيه دما قبل الدموع ، ولكن هذه سنة الحياة .
عن جريدة المدينه-الجمعة 09 / 01 / 2015
قصيدة العاشقة، لغرم الله الصقاعي، قراءة توثيقية لغوية نقدية – أ.د. سعد بن حمدان الغامدي
قال الروائي أحمد الدويحي على صفحته الفيسبية:
هذه القصيدة للشاعر غرم الله الصقاعي رحمه الله ، لها حكاية غاية في الطرافة، إذْ كنت مريضا ومنوماً في مستشفى بلجرشي عدة أيام، وكان على اتصال دائم معي، لكنه في ذلك اليوم فشل التواصل معي حتى فوجئت به يدخل غرفتي في غير موعد الزيارة، ومعه الصديق الآخر د علي الرباعي، وكان غاضبا وشاتما، ويطلب مني المغادرة فوراً، فلما رفضت أخرجني على مسؤوليته، وأخذني إلى مطار الباحة، وسفّرني للرياض في أقرب رحلة.
غرم الله كان يعتبر نفسه وَصِيًّا عليّ رغم أنه يصغرني في العمر، وغيّر كثيرًا من مفردات حياتي المصيرية. كلام كثير يمكن أن يقال، قالت القصيدة بعضاً منه، وبقي في القلب مدفوناً كثير من تلك الحكايات، أكتب هذا الكلام بناء على رغبة صديق عزيز مشترك بيني وبينه رحمه الله، يريد معرفة خلفيات ما حدث؟
رابعًا: صُدِّرت القصيدة بقول الشاعر: “الإهداء للروائيّ أحمد الدويحي”
خامسًا: قصيدة العاشقة، (البحر البسيط):
1. هذا جَزَاءُ الّذي أَصْغَى لِعَاشِقَةٍ = عبْرَ الهَواتفِ في بَوَابةِ السَّحَرِ
2. أَفْنَى الرَّصِيْدَ ولم يَظَفَرْ بِحَاجتِهِ = كجَالِبِ التّمْرِ من صَبْيا إلى هَجَرِ
3. أَوْدَى بخَافِقِهِ في كَفِّها وَلِهاً = فخلّفَتْهُ قتيلَ الشَّكِّ والسَّهَرِ
4. يُغنِّي(1) اللَّيْلَ لَحْناً مِنْ مُصِيْبَتِهِ = شَتَّانَ ما بَيْنَ لَحْنِ المَوْتِ والظَّفَرِ
5. رَيّانةُ العُوْدِ كادَتْ مِنْ مَلَاحَتِها = في عَيْنِهِ أنْ تُضاهِيْ(2) صُوْرَةَ القَمَرِ
6. تَعَلَّقَتْهُ على مَكْر،ٍ وكانَ لها = خِلًّا وَفِيًّا، وما زارتْ، ولَمْ يَزُرِ
7. أرادها لِهَوَاهُ غَيْمَةً، وغَدَا = يُعلِّلُ النّفْسَ بالآمالِ والمَطَرِ
8. وأنْشَدَ الدَّهْرَ للعُشّاقِ تَذْكِرَةً = الحُبُّ، يا دَهْرُ، لمْ يُبْقِ ولَمْ يَذَرِ
9. نَضَارَةُ العُمْرِ يَوْمًا(3) في مَعِيَّتِها = وآخرُ العُمْرِ يومُ البُعْدِ والكَدَرِ
10. وأجْدَبَ العُمْرُ، والأشواقُ ما فَتِئَتْ = تغازلُ الشَّيْبَ(4) ما خافَتْ مِنَ الكِبَرِ
11. يا سَيِّدَ العِشْقِ لا تَبْخَلْ بِقافِيَةٍ = تسطِّرُ الشّوْقَ أوْ تُغْنِي عَنِ الخَبَرِ
12. يا سَيِّدَ العِشْقِ إنّ الحُبَّ مَدْرَسَةٌ = مَنْ جَانَبَ الحُبَّ لَمْ يُخلَقْ مِنَ البَشَرِ
13. فاعشقْ وعِفَّ وَانْسَ(5) الجُرْحَ مُبْتَسِمًا = إنّ السحابةَ لا تَخْشَى من الضَّجَرِ
14. واسْتَقْبِلِ العُمْرَ بِالأَحْلامِ أُنْسُجْها(6) = حَرْفًا من الوَجْدِ أوْ صَوْتًا مِنَ الوَتَرِ
15. لا زِلْتَ يا سَيِّدِي لِلْعِشْقِ ساقِيَةً = يَؤُمُّها النّاسُ، ما مَلُّوْا مِنَ السَّفَرِ
سادسًا: محاولة قراءة استكشافية في القصيدة ومناسبتها:
حالة الروائي المُهْدَى إليه هذه القصيدة أنبأت الشاعر غرم الله – وبخاصة عندما انقطع التواصل معه أثناء مرضه – أنّ صديقَه ربّما استسلم لمرضه ولمستشفى من مستشفيات الباحة الذي قد لا يرعاه حقَّ الرعاية، وأنّ هذا الاستسلامَ قد يعني انسحابًا ويأسًا و(اسْتِمْواتًا)(7) وقنوطًا من الحياة، فقد خبَر صديقَه غيرَ مغامر ولا مقاوم، وأنه يحتاج إلى وِصاية من ذي عَزْمٍ شديدٍ ورأسٍ صليب ينفخُ فيه روحَ المقاومةِ والصُّمُود والإقبال على الحياة، وأنّه حان حِيْنُ التدخل ليأخذ بيد صديقه وبحزم وعزمٍ إلى أفق حياتي أرحب، إلى الرياض، التي يعشقها الروائي وفيها من إمكانات التداوي ما ليس في غيرها.
وفي القصيدة كأنّي بالشاعر يُحَوِّل صديقه إلى كائن شعري يتشكل في قصيدة ويتخلّق منها، ليتلقاها الروائي بعد ذلك فيمازجه كائنُها وكائنه الشعري فيكون روحًا جديدا مختلفًا متناميًا.
لقد كان المفتاح لذلك حديثَ العشق والحب في حياة البشري وغريزته في بدايات تفتح أزاهيرهما في سِنِي المراهقة وبدايات الشباب الأولى بُعيدَ الحياة البرزخية الطفولية، فالعشقُ والحبُّ في بداية الالتقاء المرسوم للذكر والأنثى عابران غالبًا غير ثابتين في حياة الأكثرين من الشباب والشابات وبخاصّة ما كان من العشق والحبّ متخلّقًا عبر أثيرٍ وتناوشٍ من مكان بعيد؛ لذا فهما أشبه ما يكون بعاصفة مَرَضِيّة موجعة ولكنها سريعة الانقشاع والزوال ميسورة الشفاء.
إلّا أنّ بعض العاشقين (الصدّاقين)(7) لا ينجو منها أبدًا، فيؤول إلى أن يكون قتيل الشكّ والسهر، بلْ إنّه ممّا يزيد الأمر سُوءًا وسوادًا وعَمَاية أنّ هذا القتيلَ لا يهنأُ بقتله ولا تنتهي آلامُه، فهو يُعذِّب نفسه بغناء لحن الموت والخيبة.
لقد آل هذا العاشق المصدّق لمعشوقته المخدوع بها إلى كائن شعريّ بلا قلب خافق، وهو مقتول يُغَنِّي لحنَ الموت يتعذَّبُ بذلك جزاءَ اغتراره بعاشقة عن بُعْدٍ كسراب بِقِيْعة لم يجده شيئا عندما توهّج في قلبه أمل اللقاء بعد نفاد رصيد التهاتف.
ولكن هيهات فرَيّانةُ العُوْدِ التي ضاهت في عَيْنِهِ صُوْرَةَ القَمَرِ أو كادت إنما تَعَلَّقَتْهُ على مَكْرٍ، فكان حُبّها كَذِبًا ومَيْنًا، فلم تصلْه ولم يصل إليها، ولم تزره ولم يزرها، مع أنه كان خِلّا وَفِيًّا فيما ظنّه بنفسه، حتّى انتهى به الأمر أن أصبح وأمسى أقصى أمانيه أن تكون غَيْمَةً لهواه تمطره بالآمال والأمطار تغسل رُوْحَه وتُزْهِرُ في نفسه أزاهير الهوى والغَرام، ونشوات العشق، ولكنه وقد خابت الأماني واستحالت = تهاوَى ولم يبق له سوى لَحْنِ الموتِ مُردِّدًا: “الحُبُّ، يا دَهْرُ، لمْ يُبْقِ ولَمْ يَذَرِ”، وأنَّ نَضَارَةَ العُمْرِ يَوْمٌ في مَعِيَّتِها، وآخرَ العُمْرِ يومُ البُعْدِ عنها وهو يوم الكَدَرِ، ومع هذا ورغم جَدْبِ العُمْرِ من رونق الشباب فإنّ الأشواقَ لم يَخْبُ أُوارُها ولم تأبه بالشَّيْبِ فما فتيئتْ تناوشه غيرَ خائفة منه ولا آبهة بكُرَبِهِ وجَدْبِهِ وقَحْطه.
لقد حاول الشاعر أن يبعث جذوة الحب والعشق في القتيل المغنّي لحن الموت، الشائبِ المُجْدِب، ليعيدَ الأمل، وروحَ الشباب إلى كائنه الشعريّ البائس؛ حتّى يؤوبَ خلقًا جديدا شاعرا بَشَرًا عفيفًا متناسيًا للجراح ومتعاليًا عليها، سَحَابَةً لا تخشى من الضَّجَر، سَيِّدًا للعِشْقِ لا يَبْخَلُ بِقافِيَةٍ، تسطِّرُ الشّوْقَ أوْ تُغْنِي عَنِ الخَبَرِ، وليأمُلَ منه أنْ يَعْلَمَ ويتعلَّمَ أنّ الحُبَّ مَدْرَسَةٌ، وأنّ مَنْ جَانَبَ الحُبَّ لَمْ يُخلَقْ مِنَ البَشَرِ، بل ويدعوه لمزيد من الحياةٍ والحبّ لها بأنْ يعشق مُسْتقبِلاً العُمْرَ بِالأَحْلامِ ينْسُجُها حَرْفًا من الوَجْدِ أوْ صَوْتًا مِنَ الوَتَرِ، ليستوي سيّدًا للشاعر مع سيادة العشق داعيًا له بأنْ لا يزالَ لِلْعِشْقِ ساقِيَةً يَؤُمُّها النّاسُ كلّما مَلُّوْا مِنَ السَّفَرِ في هذه الحياة وعطشوا إلى نَبْعِ عِشْقٍ يمدُّهم بأسباب البقاء والاستمرار، وينجيهم من مهامه ومفاوز اليأس والقنوط.
كأنّ الشاعرَ يدفع صديقَه دفعًا إلى أنْ يبقي عاشقًا بل سيّدًا للعشق وللشعراء العشاق، وصديقا للحياة، داعيةً لحبها، مستشرفًا جمالها، مستحضرا بهجتها وروعتها، غير آيس ولا مبتئس مهما قست وتلونت وتقلبت، فما الحياة إلا أُنْثى “مُقَدَّرةٌ لنا ومُقَدَّرينا”.
سابعًا: حواشٍ لغوية:
(1) يغنّي الْ: مُتَفْعِلْ، كسر خفيف في الوزن، إلا إذا حرّك ياء المضارع بالضم ضرورة، لتكون التفعيلة مُتَفْعِلُنْ، بحذف الساكن الثاني (الخَبْن) وهو جائز في مستفعلن.
(2) تضاهي فعل مضارع منصوب بالفتحة وتسكين يائه ضرورة، وهي سائغة لحمل المنصوب على المرفوع إذْ تَثْقُلُ عليه حركة الضم فتحذف.
(3) (يومًا) حقها الرفع خبرًا عن نضارة، ولِتَتَّسِقَ مع (يوم) في الشطر الثاني الواقع خَبَرًا عن آخر.
(4) الشيب بفتح الشين بياض الشعر وبكسر الشين جمع أشيب ولا أعرف ما الذي أراده الشاعر منهما، وكلاهما صالح معنًى، وإن كنت أميل إلى أنها بكسر الشين أليق بالشعر وأشْعر.
(5) وانْس على أنها أمرٌ من نَسِي همزتُها وصل، ويختل بها الوزن قليلا، ولذا أظنُّ الشاعر قطعَ همزتَها ضرورةً، إلّا إذا كانت (انْسَ) تحريفًا لكلمة (آسِ) الأمرِ من آسى الجرحَ بمعنى داواه، وهي الأليق بالمعنى، جاء في اللسان: وقد أَسَوْتُ الجُرْحَ آسُوْهُ أَسْواً أَيْ: داويته، فهو مَأْسُوٌّ وأَسِيٌّ أَيضاً، على فَعِيل.
(6) (أُنْسُجْها) فعلُ أَمْرٍ مِنْ “نَسَجَ الثَّوْبَ يَنْسِجُه ويَنْسُجُه، فهو نَسَّاجٌ، وصَنْعَتُه: النِّسَاجَةُ” (القاموس)، وقد قُطعتْ الهمزةُ ضرورة.
(7) (اسْتَمْوَتَ فلان) في لهجة الباحة استسلم للموت، و(الصَّدَّاق): الذي يُصدِّقُ كُلَّ ما يسمع ويمكن خداعُه بسهولة.
ثامنًا: الاقتراب من الشاعر (ترجمة بالمتاح):
الشاعر غرم الله بن حمدان الصقاعيّ من مواليد 1961 وتوفي 2015 بتونس إثر نوبة قلبية، فجر يوم الاثنين 14 / 3 / 1436 هـ، 5/ 1/ 2015.
كان رحمه الله شاعرا وكاتبا ومُصلحا اجتماعيا ورياضيا وتربويا. وله مقالات عديدة في كثير من الصحف.
عمل مديرا لمدرسة الفلاح الابتدائية والمتوسطة، وعُين بعدها رئيسًا لنادي المعلمين بإدارة التربية والتعليم بالباحة ثم تقاعد ليتفرغ لحرية الكلمة.
شارك في العديد من الأمسيات الشعرية في السعودية وفي مصر والمغرب و تونس، نشرت قصائده في الصحف والمجلات السعودية وفي بعض الدوريات العربية.
أصدر مجموعتين شعريتين: الأولى سنة 2012 وهي بعنوان « لا إكراه في الحب » ، وصدرت الثانية خلال العام 2014 وعنوانها: لغوايتهن أُقَصِّد.
وفي مقابلة معه أجراها د علي الرباعي ونشرت في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٥٤٠) صفحة (٢٦) بتاريخ ٢٧/ ٥/ ٢٠١٣، قدم لها د الرباعي بقوله: غرم الله الصقاعي شاعر وكاتب ومُصلح اجتماعي ورياضي وتربوي، تقاعد ليتفرغ لحرية الكلمة، ورغم المحاولات العديدة للاقتراب من بئره الأولى ظل حذراً بحكم ما يربطني به من صداقة. عالَمُه نَزِق، وحالاته الفنيَّة قلقة ومرهقة؛ كونه قادراً على إثبات وجوده في كل فنّ، وعلى اقتناص المدهش واللافت، وهنا بعض ما أتاحته المساحة من نبع البئر الأولى وما تلاها” انتهى كلامه.
وها أنا ذا أورد مقتطفات مما قاله الشاعر غرم الله عن نفسه في هذه المقابلة:
1/ الحديث عن الأنثى في القرى وفي سن مبكرة والحديث عن ذلك التنوع في المزارع والحدائق التي تغطي أجزاء كبيرة من القرية، لم تكن الأنثى إلا تلك اللغة التي نقتطفها حباً من أفواه محدثينا. كانت الأنثى الأولى فتاة نتشارك معهم مورد الماء عند اكتمال التعب، لكنها مضت في مسارب الحياة وبقيت تلك الذكرى لحياة كانت النظرات تعني أن للقلوب عيوناً ولكن تنقصها الألسن لتبوح.
2/ مكة تظل المدينة الأجمل في مخيلتي قبل «تطاول البنيان»، علمتني الحب صغيراً، وعلمتني الحب شاباً عندما كنت أدرس في جامعتها، مدينة تسكن الروح، ولكن المدن كالنساء لكل مدينة عطرها ورؤيتها للحياة، وفي القاهرة أشعر بإنسانية غريبة أعرف شوارعها جيداً ولكنها لا تعرفني، مع أن أهلها أكثر شعوب العالم قرباً للروح مع كل من يزورهم، تبقى القاهرة صاخبة نهاراً فاتنة وجميلة ليلاً.
3/ الحدث الأهم في ذاكرتي هو ذلك الحزن الكبير الذي كان يخيم على القرى عند موت أحد الرؤساء والتفاف الناس حول المذياع في بكاء وحزن مهيب، هذه الأحداث وشبيهاتها شكلت لدي معرفة بأثر الإعلام في صياغة عواطف الناس وتوجهاتهم.
4/ نظل صغاراً في عيون من يعرفوننا، صغاراً حتى وإن كبرنا، تلك الحقيقة الماثلة أمامي عندما أنظر إلى عيني أختي؛ إذ ليس للحياة قيمة عندما تفقد من تحب، فكيف يكون لها قيمة عندما نهمل من يحبوننا ونحن نتقاسم الهواء معاً.
5/ ولدت في قرية وادعة على سفوح جبال السراة …
6/ أول نص نشر لي كان قبل أكثر من عشرين عاماً، أما المقالات فلا أذكر أول مقال نشرته لأني مقل في الكتابة، وارتبطت الكتابة عندي في البداية بردود الأفعال وليس الفعل ذاته، والتعامل مع النصوص في الغالب هو احتفاء بحالتها الشعرية وإن كنت من أقل الناس مراجعة لنصوصه …
7/ الإصدار الأول … على المستوى الإبداعي فلعله صدور ديواني الأول «لا إكراه في الحب» وتباينت مشاعري معه، فبرغم أنه أتى بعد طول انتظار إلا أنه لم يكن بذلك الوهج في روحي حيث القصور الكبير مني لعدم المتابعة مع الناشر، ويظل ذا مكانة فهو المولود البكر حتى وإنْ ولد معاقاً!.
8/ وعند سؤاله عن أين ومتى التقى أول مسؤول؟ قال: لا أعتقد أن المسؤولين يذكرون لقائي بهم، لذلك يبقى مدير جامعة أم القرى راشد الراجح أهم من التقيت به، وذلك لأثره عليَّ فيما بعد؛ إذ منحني من حبه وأبوته ما أسهم في إكمال الدراسة بالجامعة.
عن مجمع اللغة العربية على الشبكة العالمية- 7 /7 /2018