ابن باز علامة الدنيا وامام العلماء أستاذ التواضع والزهد.يعتذر عن عشاء الملك.. لعزيمة طالبه
الشيخ بن باز في ضيافة (صاحب الجوف)
قَدِمَ الأخ علي من (محافظة الجوف اليمنية) لطلب العلم في المملكة العربية السعودية وذات يوم يقول الاخ علي: لقيت الشيخ بن باز في صرح الجامع فسلمت عليه وقلت له أبغاك ياشيخ تتعشى عندي الليلة فقال الشيخ تَمْ إن شاء الله … بس بشرط ياولدي قلت أبشر ياشيخ قال تعشينا من الحاصل بدون تتكلف وأهل الإسلام على شروطهم قلت أبشر ياشيخ الحاصل من زاد البيت مابه كلفه قال بارك الله فيك أخٌر العَشاء قليلا لأن عندي موعد بعد درس العِشاء قلت حاضر ياشيخ أُقيمت الصلاة وأنا ما ادري كم صليت وماذا قرأ الإمام هي كلمه عابرة متعودين عليها في البلاد أقول له تعشا عندي يافلان وهو يقول الله يغانيك ماهو جايٍ لي وإلا أعذرني ما أستطيع بس الشيخ وافق وأنا مانا جاد ولا مستعد ماغير هي كلمة قد تعودنا عليها وبعدين ذا الشيخ بن باز ملء سمع الدنيا و بصرها ويش أضيفه عليه وأنا طالب مغترب على قد حالي أعجز عن توفير صرفة البيت ثم الشيخ طلابه ومرافقينه كثير ويش بايأكلهم كلهم … يا والله الورطة بعد الدرس نادى الشيخ إصعد معنا ياعلي على سيارتنا صعدت مع الشيخ وثالثنا السائق فقط تلفتُ فلم أجد أحداً ولم تتبعنا أي سيارة لطلاب الشيخ أو العاملين معه فقلت في نفسي هانت الحمدلله ضيوفي الشيخ وسائقه فقط ذهب بنا السائق حيث موعد الشيخ فإذا بي أجد السيارة تدخل أبنية كبيرة وقصور واسعة فقلت لعل الموعد عند تجار كبار أو وزراء في الحكومة لكني تفاجأت ُ حينما توقفت السيارة ودخلنا القصر بأن الملك فهد ومعه ولي عهده الملك عبدالله وولي عهده الثاني الأمير سلطان والأمير نائف رحمهم الله والأمراء من الأسرة الحاكمة في المجلس ينهضون للسلام على الشيخ والترحيب به وتقبيله على رأسه كل الوجوه التي أراها في التلفاز أراها الليله على الحقيقة في القصر جلس الشيخ على كرسيه وبجواره الملك وولي عهده وبعد أن سألوه عن حاله وسألهم عن حالهم وتناول فنجال من القهوة ومر عليه طيب العود حمد الله وأثنى عليه وألقى درس أستغرق ثلث ساعه تقريبا والمجلس يسوده الهدوء والإنصات والتركيز مع الشيخ وكأنهم طلاب بين يديه إلا أنا فتارة أنظر إلى وجه الملك وتاره إلى ولي عهده وتاره إلى سلطان وتاره نائف وتاره سلمان وتاره هذا الأمير أو ذاك وأقلب ناظري في أرجاء القصر وكأنني في حلم أنا الذي أتيت بلباسي المتواضع غير مهيأ لإستقبال ثلاثه من القبيلة أجلس الآن في مقدمة مجلس الملك ومع كبار الأمراء ورجال الدولة !! أنتهى الدرس ، نهض الشيخ وأستأذن لكن الملك أخبره أن العشاء جاهز إعتذر الشيخ أصر الملك فقال الشيخ أنا مدعو ( معزوم) عند أحد الأخوة وإذا تعارضت الدعوات فالسنة يقدم صاحب الدعوة الأولى وقد وعدته أن العَشاء عنده فاعذروني لم يخبرهم الشيخ أنه معزوم عندي حتى لايحرجني وياليته قالها لأن الملك سيقول بما أن المُضَيِف موجود معك فأنت وضيفك حياكم الله تتعشون معنا وبالتالي يسقط عذر الشيخ وأحضى بعشاء الملوك والأكل من كل مالذ وطاب إستأذن الشيخ وودعوه بمثل ما أستقبلوه وانطلقنا ثلاثتنا الشيخ وسائقه وأنا نحو بيتي وتعشينا على الحاصل وبيض الله وجه بنت العون صلحت ذا العشاء اللي يرفع الرأس ويبيض الوجه أكل الشيخ ودعى لي ولأهل البيت ثم أستأذن وودعته وأنا غير مصدق ماحدث !! الشيخ بن باز يعطيني من وقته ويوافق بسهولة ويتعشى عندي ويدخلني معه في الدرس الخاص للأسرة الحاكمة وأجلس في صدر المجلس … ويعتذر عن مائدة الملوك ويجلس على مائدة طالب مغترب مستور الحال يغادر القصر لينزل في شقة (صاحب الجوف) !يا للعظمة ! يا لتواضع الكبار ! رحم الله علامة الدنيا وإمام العلماء وشيخ الأمة وأستاذ التواضع والزهد .
…………….. محمد شبيبة
وكيل وزارة الأوقاف والإرشاد اليمنية