الأدب والتاريخ
ابن الزقاق البلنسي
ابن الزقاق البلنسي هو علي بن عطية بن مطرف أبو الحسن اللخمي (490 – 528 هـ / 1096 – 1134 م) هو شاعر أندلسي. ولد في بلنسية، وعاش حوالي أربعين سنة. له غزل رقيق، ومدائح اشتهر بها، شعره محفوظ في ديوان مخطوط بالظاهرية. وقد طبع ديوانه سنة 1964 م عن دار الثقافة (بيروت)، بتحقيق من عفيفة محمود ديراني، وطبع مرة أخرى سنة 1994 م.
من روائعه قصيدة .. طَرَقَتْ على عِلل الكرى أَسماءُ
طَرَقَتْ على عِلل الكرى أَسماءُ | وهْناً وما شعَرْت بِها الرُّقَباءُ |
سَكْرى ترنّح عِطفُهَا فَتعلمتْ | مِنْ مَعطفيها البانة ُ الغنَّاءُ |
يثني الصبا والراح قامتها كما | تثني الأراكة َ زَعْزعٌ نَكْبَاءُ |
زارت على شحط المزار متيماً | بالرقمتين ودارها تيماءُ |
في ليلة ٍ كشَفتْ ذوائبَها بها | فتضَاعفتْ بَعقَاصِها الظَّلماءُ |
والطيفُ يخفى في الظلامِ كما کختفى | في وجنة الزنجي منه حياءُ |
ما زال يمتعني الخيال بوصلها | حتى انزوى عن مقلتي الإغفاءُ |
برد الحلي فنافرت عضدي وقد | هبَّ الصباحُ ونامَتِ الجَوْزاءُ |
وَدَعَتْ برحلتها النّوى فتحمَّلتْ | في الركب منها ظبية أدماءُ |
ماتت بدمنتها الشمائل والصبا | ومدامعي والمُزنة ُ الوطفاءُ |
فلتؤخذن بمهجتي لحظاتها | وبعرصتيبها الريح والأنواءُ |
طلعت بحيث الباترات بوارق | والزُّرقُ شُهْبٌ والقَتامُ سماءُ |
فُي كلة حمراء يخفق دونها | بينَ الفوارس راية ٌ حمراءُ |
والجوُّ لابسُ قسطلٍ مُتراكِمٍ | فلهُ من النّقْعِ الأحمِّ رداءُ |
سطعت من الغبراء فيه عجاجة | مركومة ٌ فاغبرّتِ الخضراءُ |
دع ظبية الوعساء واعن لهذه | فلكلِّ أَرضٍ يَمْمَتْ وَعْسَاءُ |
قطعت بها أيدي الركاب تنوفة | قد ألهبت في جوها الرمضاءُ |
ليست سَمومُ الريحِ ما لفَحت بها | لكنَّها أَنفاسيَ الصُّعداءُ |
هل تبلغن الظاعنين تحية | ريح تهب مع الأصيل رخاءُ |
كسلى تجر على الحديقة ذيلها | فالعرْفُ منها مَنْدَلٌ وَكَباءُ |
تعزى أبا عبد المليك اليك أو | يُعزَى إليها من عُلاكَ ثناءُ |
يا كوكباً بهر الكواكب نوره | ومحا دجى الحرمان منه ضياءُ |
لك همة علوية كرمية | وسجية معسولة لمياءُ |
ومكانة ٌ في المجدِ أنتَ عمرْتَها | بعُلاكَ وهيَ من الأنامِ خَلاءُ |
فتّقت أكمام البلاغة والنهى | عن حكمة لم تؤتها الحكماءُ |
ولربما جاش اعتزامك أو طمى | عن أَبْحُرٍ شَرِقَتْ بها الأعداءُ |
ما زال يَفْري الخطبَ منه مُهنَّدٌ | للعزم منه صولة ومضاءُ |
شبت قريحته وهذب خلقه | فلم کدرِ هل هو جَذْوَة ٌ أم ماءُ |
تجري اليراعة ُ في بنانِ يمينهِ | وكأنها يزنية سمراءُ |
ويفوق محتده الكواكب مرتقى ً | فكأنَّهُ فوقَ السماءِ سماءُ |
ذرب اللسان إذا تدفق نطقه | خرست سحر خطابه الخطباءُ |
لو ناب عنه سواه في يقظاته | نابت مناب الجوهر الحصباءُ |
ركن الأنام به إلى ذي عزة | قعساءَ ليس كمثلِها قعساءُ |
لم يَخْصُصوهُ بشكرهم إلا وقد | عمّت جميعَهُمُ به النّعماءُ |
لم أن ألسنهم جحدن صنيعه | نطقَتْ بذاك عليهمُ الأعضاءُ |
كثُرتْ أياديه الجسامُ فآخذٌ | من قبلها أنفاسه الإحصاءُ |
طاب الزمانُ بها كطيبِ ثنائِهِ | وتضوّعَ الإصباحُ والإمساءُ |
بأغرّ ذي كرمٍ نَمَتْهِ من بني | عبد العزيز عصابة كرماءُ |
الموقدون على الثنية نارهم | للطارقين إذا وَنَى السُّفَراءُ |
والمالؤون من السديف جفانهم | لهم إذا شملتهم اللأواءُ |
قوم ثناؤهم خلود نفوسهم | ومنَ الهَوامدِ في الثرى أَحياءُ |
إن أخلفَتْ غُرُّ السحابِ تهللوا | أو جَنَّ ليلُ الحادثاتِ أضاءوا |
با ابن الذي علمت معد فضله | وسوى معدّ فيه وهي سواءُ |
وکبنَ الذي قد أُلِحقَتْ في حُكمه | من عدله بأولي القةى الضعفاءُ |
هذي القصائد قد أتتك برودها | موشية وقريحتي صنعاءُ |
فإليك منها شرداً تصطادها | بالعزّ لا بالنائل الكرماءً |
ترجو نصيباً من علاك وما لها | فيما ترجيه العفاة رجاءُ |
فانعم أبا عبد المليك بوصلها | أنتَ الكِفاءُ وهذه الحسناءُ |
ومديح مثلك مادحي ولربما | مُدحَتْ بمن تتمدّحُ الشعراءُ |