أسرة السادة آل جمل الليل باعلوي الحسينيين في الحرمين الشريفين.
حكم محبة آل البيت عند أهل السنة والجماعة
فرض وواجب ، كما أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( أذكّركم الله في أهل بيتي ) ، وقال سبحانه وتعالى: ( قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ) سورة الشورى 23 ، وهي على أقوال : منها : أنهم قربى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ( وإن الأنساب يوم القيامة تنقطع غير نسبي وسببي وصهري ) ، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عزّ وجل وعترتي ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ) .وهذا الحديث يدلّ على أن عترته وأهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم لايجتمعون على ضلالة ، وأن إجماعهم حجّة رضي الله عنهم . وأهل السنّة والجماعة يجمعون بين حب الصحابة وحب أهل البيت ، ولا يجعلون هناك تناقضا بين حب الصحابة وحب أهل البيت كما يفعل البعض ، ولايسبّون أهل البيت كما فعل النواصب الذين كانوا في زمن بني أمية ، فقد كانوا يسبّون عليّا وأهل البيت بسبب الخلاف الذي نشأ في واقعة الجمل وصفين ومابعد ذلك ، وقد انقرض هؤلاء النواصب – بحمد الله – ، وكان فعلهم من المنكرات العظيمة التي أبطلها الله سبحانه وتعالى ، وكان أول من أبطلها من الخلفاء هو الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز رحمه الله ، ومنع سبّ علي وأهل البيت على المنابر ، فانقرضت هذه البدعة ، ولكن بقيت بدعة سبّ الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين والغلو في أهل البيت ، وأما أهل السنّة فيحبون الجميع رضوان الله عليهم .
أسرة جمل الليل، من الأسر الحجازية ذات التاريخ المجيد والسجِلّ الحافل في خدمة العلم والمعرفة، ومنتماهم إلى السادة آل باعلوي، من ذرية السبط الشهيد الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهما. ولقبُ جملِ الليل جاءَهم من جدهم الأعلى، السيد محمد بن حسن باعلوي، الملقب بجَمل الليل، وبالشَّيْبة، لطول عمره، المتوفى سنة 845هـ/ 1441م(1).
عن سبب هذا اللقب يقول العلامة محمد الشَّاطري ناقلا عن كتاب (المشرع الروي) في ترجمته: “كان يحرم بركعتين بعد صلاة التهجد والوتر، فإذا سلم منهما طلع كأنما الفجر مربوط بتسليمه من تينك الركعتين، وربما قرأ القرآن في ليلة، ومن ثم سمي جمل الليل، لأنه قامه واتخذه جملا”(2). وإليه تنتسبُ بيوتٌ علوية غلبت عليها ألقابٌ أخرى، منها: آل الجنيد، وآل باحسن، وآل السري، وآل بن سهل، وآل الغصن، وآل القدري، وغيرهم(3).
وحديثنا هنا هو عن الأسرة التي ظلت محافظة على لقبها الأصلي (جمل الليل) دون غيرها من الأسر التي اتخذت ألقاباً فرعيةً.
آل جمل الليل في المدينة المنورة:
قدم جدهم إلى المدينة المنورة سنة 1165هـ/ 1751م، كما ذكر الأنصاري في (تحفة المحبين)(4)، وهو السيد علوي بن محمد بن علوي بن عبدالله باحسن جمل الليل، وقد عرفَتْ ذريته، تاريخياً، في الحِجاز، بآل جمل الليل، بينما عرف بعضُ بني عموتهم في حضرموت واليمن وغيرها بآل باحَسن جمل الليل(5).
فمن أعلامهم:
[1] علوي بن محمد جمل الليل (1140- 1186هـ/ 1727- 1772م): ولد بمكة المكرمة، قال الأنصاري: «نشأ نشأة صالحة وطلب العلم الشريف. وكان رجلاً كاملاً عاقلاً متحركاً، لطيف الذات، ظريف الصفات»، سافر إلى اليمن، والحبشة، وبغداد، ومصر، والشام، والروم (تركيا)، وكانت له جراية من الباب العالي ضمن الصرة السلطانية لسكان الحرمين. وكانت داره في خط الشَّارع على مقعد بني حسين كما حددها الأنصاري. توفي بمدينة حماة راجعاً من بلاد الروم في رمضان(6).
أحمد بن علوي بن محمد جمل الليل (1170- 1216هـ/ 1756- 1801م)(*): ولد في المدينة المنورة، اشتغل بطلب العلم، ومهر في الحديث والفقه على المذهب الشافعي، مع اشتغال بالأدب والرواية. وصفه تلميذه العلامة عبدالله بن شهاب الدين بقوله: «الحبيب العلامة الشيخ، ذو الأخلاق الشريفة الرضية، والصور الجميلة لابهية، المرجوع إليه في وقته في فك المشكلات العويصة»(7). وحلاه الوجيه الكزبري في ثبته بـ”السيد الشريف والسند الغطريف صحيح النسب وكريم الحسب مسند المدينة المنورة ومحدث تلك البقاع المطهرة”(8). من شيوخه: محمد بن عبدالله السجلماسي المغربي، وعبدالله الجرهزي، وأحمد الدردير، وابن عبدالسلام الدرعي الناصري(9)، وغيرهم.
ومن الآخذين عنه: الوجيه عبدالرحمن الكزبري الحفيد، ومحمد بن عيدروس الحبشي(10)، ومحمد ياسين الميرغني(11)، ومنصور البديري(12)، وعبدالله بن حسين بن طاهر قرأ عليه في كتاب (تيسير الأصول) في الحديث لابن الدَّيْبع الزَّبيدي(13). وعبدالله بن علي شهاب الدين أخذ عنه التلقين والإلباس وقرأ عليه في الفقه(14)، وعمر بن طه البار(15). وأحمد بن محمد الحبشي(16)، وأحمد بن عبدالله بن شيخ بافقيه(17)، وعبدالله باسودان، قرأ عليه أول (صحيح البخاري) وسمع منه حديث الأولية، وكتب له إجازة(18).
من مؤلفاته: (ذخيرة الكَيس فيما سأل عنه الشيخ عمر باجبير ومحمد باقيس)، وصف الزركلي محتواه بأنه “في مسائل حديثية وفقهية” وهو كذلك، وقال: “لعله في مكتبة عارف حكمت بالمدينة”(19)، وكلامه هذا يدل على عدم تيقنه وهو شك في محله، لأن نسخة الكتاب المدنية إنما هي محفوظة ضمن مجموعة آل الصافي، وهي نسخة جميلة الخط، تشتمل على تقاريظ متعددة للكتاب من علماء بلاد الشام، حسبما عاينه الباحث كما توجد من الكتاب نسختين أخريين في حضرموت باليمن، عاينهما الباحث. ومنه نسخة رابعة في مكتبه الظاهرية(20). ومنها: (نيل المرام عن حكم مجاوزة الميقات بلا إحرام)، ولها اسم آخر، وهو: (نَشْر البطاح بجواب سؤال العلامة سيدي يوسف البطاح)، رسالة فقهية لطيفة، توجد منها نسختان خطيتان في حضرموت(21). ومنها: (نبذة في حكم حج الأجير)، رسالة مخطوطة(22). ومنها: (إجابة على ألفاظ دائرة على ألسنة العوام بالجهة الحضرمية في الطلاق)(23)، ومنها: (رسالة في أن الداخل إلى المسجد يقصد في الصف جهة يمين الإمام لا يساره ولا يتخير)(24). وله (ثبت) في ذكر مروياته وشيوخه؛ ذكره الكتاني والزركلي، والحبشي(25)، وله: (سواجم البركات الندية في بعض مناقب سيدنا الإمام علي العريضي جد السادة العلوية)، وهو على طريقة السجع الأدبي، منه نسخة بمكتبة آل الصافي بالمدينة، ونسخة في مكتبة جامعة الملك سعود بالرياض(26).
زين بن علوي جمل الليل (1174- 1235هـ/1760 -1820م): ولد بالمدينة المنورة وتوفي بها. وهو مفتي المدينة المنورة ومسندها كما وصفه العلامة الكتاني، بل وصفه أمين الحلواني المدني في مختصر (مطالع السعود) بأنه: “علامة الكون ومحدث العصر بقية العترة وملحق الأحفاد بالأجداد”(27).
تلقى العلم وروى عن جماعة من شيوخ عصره، منهم الشهاب أحمد الدردير لقيه بالمدينة المنورة عام 1198هـ/ 1783م، وطاهر سنبل، وحسين بن عبدالشكور الطائفي، ومحمد الكزبري الأوسط، وفقيه المدينة محمد بن سليمان الكردي، ومحمد بن عبد الله المغربي السجلماسي، قال الكتاني: “ولعله أعلى شيوخه إسناداً”، وعبد الله بن سليمان الجرهزي، وصالح الفلاني وابن عبد السلام الناصري، وغيرهم، وتشارك مع أخيه العلامة أحمد في جماعة وتفرد كل واحد ببعض الشيوخ(28). وممن تفرد بهم: الشيخ نعمة الله ابن الشيخ عمر النقشبندي، لقيه في الحرم المدني أيام اعتكافه سنة 1214هـ/ 1799م، فأجازه بما تجوز له روايته، وهو يروي عن شيخه محمد بن فيض محمد، عن محمد حسن عطا، عن محمد صبغة الله، عن أبيه محمد معصوم، عن أبيه المجدد أحمد السرهندي(29).
من الآخذين عنه: عارف حكمت(30)، والوجيه الكزبري، وطاهر بن الحسين بن طاهر باعلوي(31)، ومحمد بن عيدروس الحبشي(32)، والكزبري الحفيد، ويوسف بدر الدين المغربي الدمشقي، ومحمد صالح البناء الإسكندري(33). وزار البصرة وبغداد سنة 1222هـ/ 1807م، فأخذ عنه بها عثمان بن سند البصري، ووالي بغداد داود باشا، قال ابن سند: «واستجازه من أهل بغداد من لا يحصى، إذ سنده في العلو هو المطلب الأقصى. وأمره الوزير سُلَيمان بعدما توفي خاله [داود باشا] أن يقرئ (البخاري)، ليتميز في هذا الفن حاله، ويظهر عند من عسى عليه يخفى كماله»(34). وقال أيضاً: “ولما شرف البصرة بوروده، ونور مطالعها بأقمار سعوده، رويتُ عنه حديث الرحمة المسلسل بالأولية، عند السادة الأئمة، وقرأت عليه أوائل الكتب الستة، وأسمعني من مروياته ما أكبرت به نعته، ورويتُ عنه مسلسلات عديدة، وأجازني بمسندات وأجزاء ومعاجم ومشيخات مفيدة، وناولني (الثبَت) المسمى بـ(الأَمَم)، لأبي الطاهر إبراهيم بن حسن الكوراني المدني العلَم، وكتب لي إجازةً دالةً على طول باعِه، وتبحره في الفنون الحديثية وسَعة اطلاعه، ذكر فيها بيتاً ذكر فيه ما يدل على تواضعه ولطف طباعه، وهو قوله:
أنا الدخيلُ إذا عُدَّتْ أصولُ عُلاً فكيف أذكر إسْناداً لدى ابن سندْ”(35)
وعن احتفاء والي بغداد داود باشا بالسيد زين جمل الليل، قال ابن سند: «ولما ورد بغداد في حياة الوزير علي باشا أفاد وأجاد، وروى عنه الأكابر والأصاغر طلباً لعلو الإسناد، وأما الوزير فزاد في إكرامه، وبالغ في رفعة وإعلاء مقامه، ومن إكرامه إياه لاذي لم يوجد منه لسواه: أنه عزم على إرسال مال كثيرٍ إلى طيبة النبي الهادي البشير، ليشترى بها أوقاف غلاتها لذلك لاعالم، ثم على جهة لا تنقطع، فبينما هو على ذلك عازم، فاجأه انقضاء الأجل، ولم ابن أخته سليمان بما بذل»(36).
مؤلفاته: منها كتاب (راحة الارواح)، وصفه الكتاني بأنه: ” نحْوَ (الحزْبِ الأعظم)”، أي: أنه مشتمل على الأذكار والأدعية، وليس في علم الحديث، كما ذهب إليه الزركلي، وإنما لأنه خرج أحاديثه، فاشتبه على الزركلي فظنه في الحديث، و(تخريجُ راح الأرواح) ذكره الكتاني، ووصْفُه له مشعرٌ بأنه كتاب آخر، وقد يكونانِ كتاباً واحداً(37). و(مشتبه النسبة)، ذكره الكتاني والزركلي(38). و(اختصار المنهج للقاضي زكرياء) في فقه الشافعية، ذكره الكتاني والزركلي(39). و(شرح مختصر المنهج) ذكره الكتاني والزركلي(40)، و(ثبت شيوخه ومروياته)، وصفه الكتاني بقوله:”له ثبت كبيرٌ، كما نسبه له شيخه الفلاني حسبما وجدتُه بخطه”، والداغستاني في تحفة الدهر، وسماه معجم شيوخه، والزركلي(41).
[2] حسين بن محمد جمل الليل، (القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي): مولده بمكة المكرمة، ذكره المؤرخ الأنصاري، وكان من أصدقائه، وقال عنه: “شريف لطيف، كامل ظريف، وبيننا وبينه صحبة أكيدة، ومحبة شديدة”(42).
صالح بن حسين بن محمد جمل الليل (1170-1269هـ/ 1756- 1852م): ولد بمكة المكرمة، وأدرك جملة من كبار علماء عصره، وتفقه وطلب العلم في المسجد الحرام. تولى وظيفة خطيب الاستسقاء والكسوفين، وإمامة المقام الإبراهيمي. كان واعظاً مؤثراً صاحب دمعةٍ حاضرة، لطيف المعشر، فكهاً. انتقل في آخر عمره إلى المدينة المنورة، وبها كانت وفاته عن تسعة وتسعين عاماً، ودفن بالبقيع(43). وقف الباحث من آثاره على إجازةٍ لأحد الفضلاء، اسمه الحاج أحمد بن عبدالرحمن آشي، في المكتبة الوطنية بجاكرتا، وهي نادرة(44).
[3] سالم بن محمد جمل الليل (القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي):توطن مكة المكرمة وعاش بها، وظهر من ذريته أعلام(45).
صالح بن سالم بن محمد جمل الليل (القرن الثالث عشر الهجري/ التاسع عشر الميلادي): ولد في مكة المكرمة، ونشأ في حجر أبيه العالم الفاضل، وحفظ القرىن العظيم، ودرس على علماء الحرم الشريف. وتولى الإمامة والخطابة في المسجد الحرام. ثم عاد إلى المدينة المنورة سنة 1230هـ/ 1814م، حيث بقية أفراد أسرته الكبيرة، واصطحب معه أبناءه الثلاثة عبدالرحمن وهاشم وعقيل، وبقي ابنه الرابع حسين في مكة. وبعد استقراره في المدينة اندرج في سلك خطباء وأئمة المسجد النبوي الشريف، وأجرت عليه الدولة العثمانية من جراية الأئمة والخطباء، واستمرت الجراية إلى ذريته بعد وفاته(46).
حسين بن صالح بن سالم جمل الليل (ت 1305هـ/ 1887م): كان عالماً فاضلاً. ولد بمكة المكرمة، نشأ وتعلم وتلقى عن شيوخها، وله إجازة ورواية من الشيخ المحدث محمد عابد السندي. ومن الرواة عنه الشيخ أحمد رضا خان البريلوي الهندي. ثم ارتقى به الحال إلى أن تولى منصب مشيخة الخطباء والأئمة بالبلد الحرام سنة 1299هـ/ 1881م، بتولية من والي مكة الشريف عبدالمطلب (ت 1303هـ/1885م)، واستمر في هذا المنصب إلى وفاته عن تسعين عاماً. وله: نظم في قصة المولد النبوي الشريف(47).
محمد بن عبدالرحمن جمل الليل (ت 1285هـ/ 1868م): من وجهاء المدينة المنورة، ونقيب الأشراف بها. قال في حقه المؤرخ الداغستاني: «رئيس من رؤساء أهل المدينة المنورة، ونقيب الأشراف بها، كان يشار إليه بالبنان، صاحب رقة ولطافة ومكارم أخلاق ودولة وصولة، انتهت إليه رئاسة المدينة الشريفة “(48). وصدر له فرمان من الآستانة مؤرخ في 8 صفر سنة 1267هـ/ 1850م، في إثبات استحقاقه ولاية خدمة مراقد آل البيت في البقيع الشريف(49). كما يوجد في الأرشيف العثماني وثيقةٌ مؤرخة في 25 جمادى الأولى سنة 1272هـ/ 1855م، عليها توقيعه مذيلا بصفته (نقيب الأشراف)، مضمونها: طلب مرفوع إلى الآستانة بشأن تعيين ناظر على المدارس المنشأة في المدينة المنورة(50). قتل المترجم على يد ثلاثة من البدو العربان، قطعوه بعد أن ذبحوه ظلماً، ومثلوا به وكان منفرداً في موضع خال اجتازه لزيارة بعض معارفه، فرثاه الشاعر المدني خليل الجهيني، الذي كان وقتها في بلاد الروم، فقال في مرثيته:
صبر جميل من الرحمن نطلبه ** على المصائب إذ حلت بوادينا
فالموت حق وذي الأرواح ذائقة ** وموت طه رسول الله يكفينا(51)
عبدالرحمن جمل الليل المدني (حي سنة 1290هـ/ 1873م): من وجهاء المدينة المنورة، وله في الأرشيف العثماني: رسالة خاصة موجهة له شخصياً، بتاريخ 17 القعدة 1288هـ/ 27 يناير 1872م، وفيها: شكرٌ وتقدير على رسالة منه تتضمنُ الولاء والدعاء، وللسؤال عن وضعه الشريف(52). كما ورد في الأرشيف العثماني بتاريخ 10 ربيع الآخر 1290هـ/ 6 حزيران 1873م، خطاب من الباب العالي إلى ولاية الحجاز، يتضمن شكوى المترجم رفعها على السيد جعفر برزنجي، يطعن في ولايته منصب إفتاء الشافعية، وأنه غير لائق بذلك المنصب وغير جدير به، لعدم توفر لامؤهلات المطلوبة فيه، وطالب بعزله، وتعيينه نفسه محله. وسار إلى الآستانة العلية، وجهد في الحصول على بغيته، ولكنه لم يظفر بمطلوبه، غير أنه تسبب في عزل البرزنجي، وظل منصب الفتوى شاغراً مدةً(53).
عبدالله بن عقيل بن صالح جمل الليل (ت 1358هـ/ 1939م): من رجالات المدينة المنورة، وجيهاً مقدماً، مثالا للصلاح والورع، ذا مكانة اجتماعية ودينية في المجتمع المدني، وتولى مشيخة السادة إلى وفاته(54).
حسين بن هاشم بن صالح جمل الليل (1388هـ/ 1968م): من وجهاء المدينة ورجالاتها، سجن أواخر العهد العثماني سنة 1335هـ/ 1916م لأسباب سياسية، وقص المؤرخ عثمان حافظ قصته في كتايه (فصول من تاريخ المدينة)(55).
يوسف بن عبدالله بن عقيل جمل الليل (معاصر): ولد في المدينة سنة 1356هـ/ 1937م، وتخرج من الكلية الحربية بالقاهرة سنة 1376هـ/ م، ونال الماجستير في العلوم العسكرية من كلية القيادة والأركان بالقوات المسلحة السعودية سنة 1391هـ/ م، وتولى منصب مدير عام الإدارة العامة للتفتيش المركزي بوزارة الدفاع والطيران، ويحمل رتبة لواء ركن. له إسهامات فكرية تتمثل في تأليف وتحقيق عدد من الكتب في مواضيع شتى، منها: (الاستراتيجية ودور عباقرة الفكر لاعسكري في تطورها)، (الشجرة الزكية في الأنساب وسير آل بيت النبوة) مطبوع في مجلد، وقام بتحقيق ونشر كتاب (أبناء الإمام في مصر والشام) ليحيى الحسيني الشهير بابن طباطبا (ت 478هـ/ 1085م)، وغير ذلك(56).
ومن آل جمل الليل في مكة المكرمة:
جعفر بن شيخ جمل الليل (1342- 1427هـ/ 1923- 2006م): من أعيان مكة المكرمة، كان رئيس مؤسسة مطوفي حجاج تركيا ومسلمي أوربا، كان بيته مفتوحاً للقاصد والوارد، وكان يقيم فيه مجالس علمية أسبوعية، ومجالس للسيرة النبوية، ويستضيف أهل العلم، توفي يوم الجمعة 4 جمادى الآخرة 1427هـ/ 2006م. ومن أبنائه اللواء محمد بن جعفر جمل الليل(57).
علي بن شيخ جمل الليل (1349-1428هـ/ 1930- 2008م): ولد في مكة المكرمة، ودرس في كتاتيبها، وتخصص في علم الإدارة، وتولى منصب مدير بريد جدة، فنظمه وطوره، وكان آخر منصب تولاه أمين عام هيئة بريد الخليج، ثم عيِّن في مكتب وزير الحج محمود سفر، وتوفي بمكة المكرمة(58).
ولا يزال عطاء هذه الأسرة مستمراً متجدداً في خدمة الدين والوطن.
الهوامش:
1- الحبشي، عيدروس بن عمر، عقد اليواقيت الجوهرية وسمط العين الذهبية بذكر طريق السادات العلوية، تحقيق محمد بن أبي بكر باذيب، جـ2 (الأردن، دار الفتح للدراسات والنشر، 1430هـ/ 2009م)، 983-984.
2- الشاطري، محمد بن أحمد، المعجم اللطيف لأسباب الألقاب والكنى في النسب الشريف لقبائل وبطون السادة بني علوي أدام الله مجدهم، ط2 (جدة: مكتبة عالم المعرفة، 1409هـ)، 72-73.
3- الشاطري، 73.
4- الأنصاري، عبد الرحمن، تحفة المحبين والأصحاب في معرفة ما للمدنيين من أنساب، تحقيق: محمد العروسي المطوي(تونس: المكتبة العتيقة، 1390 هـ/1970م)، 30.
5- جمل الليل، يوسف بن عبدالله، الشجرة الزكية في الأنساب وسير آل بيت النبوة، (الطائف، دار الحارثي للطباعة، د. ت)، 655-656.
6- الأنصاري، 30.
(*) مصادر ترجمته: الأنصاري، 30؛ الزركلي، خير الدين، الأعلام، ط13، جـ1 (بيروت: دار العلم للملايين، 1409هـ/ 1988م)، 170؛ الكتاني، عبد الحي بن عبد الكبير، فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والسلسلات، اعتناء: إحسان عباس، جـ1 (بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1402هـ/ 1982م)، 82؛ الداغستاني، عمر بن عبدالسلام، تحفة الدهر ونفحة الزهر في أعيان المدينة من أهل العصر، نسخة مخطوطة في مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة، محفوظة تحت الرقم 1288، ورقة ؛ الداغستاني، عمر بن عبد السلام، اللآلئ الثمينة في أعيان شعراء المدينة، تحقيق: عبد الرزاق عيسى (القاهرة: مكتبة زهراء الشرق، 2009م)، 156-157 ؛ باذيب، محمد بن أبي بكر، جهود فقهاء حضرموت في خدمة المذهب الشافعي، جـ2 (عمّان الأردن، دار الفتح للدراسات والنشر، 1430هـ/2009م)، 763-768.
7- الحبشي، جـ1، 494.
8- الكتاني، جـ1، 120.
9- الحبشي، جـ1، 328، الهامش.
10- الحبشي، جـ1، 328
11- الحبشي، جـ1، 339.
12- الحبشي، جـ1، 328.
13- الحبشي، جـ1، 464.
14- الحبشي، جـ1، 494.
15- الحبشي، جـ1، 522.
16- الحبشي، جـ1، 494، 538.
17- الحبشي، جـ1، 719.
18- الحبشي، جـ1، 757.
19- زركلي، جـ1، 170.
20- مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، خزانة التراث، موسوعة رقمية، برقم مسلسل 90363.
21- باذيب، جـ2، 766.
22- باذيب، جـ2، 766-767.
23- باذيب، جـ2، 767.
24- باذيب، جـ2، 768.
25- الكتاني، جـ1، 82؛ زركلي، جـ1، 170؛ الحبشي، جـ1، 328؛ السقاف، طه بن حسن، فيوضات البحر الملي، (د. ن: 1426هـ/ 2006م)، 155.
26- مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، خزانة التراث، موسوعة رقمية، برقم مسلسل 56488.
(*) مصادر ترجمته: الأنصاري، 30؛ الكتاني، جـ1، 345؛ البصري، عثمان بن سند الوائلي، مطالع السعود تاريخ العراق من سنة 1188 إلى سنة 1242هـ/ 1774- 1826م، تحقيق عماد عبدالسلام رؤوف وسهيلة القيسي، (العراق: وزارة الثقافة والإعلام، 1411هـ/ 1991م)، 63؛ الزركلي، جـ3، 65؛ الحضراوي، أحمد بن محمد، نزهة الفكر فيما مضى من الحوادث والعبر في تراجم رجال القرن الثاني عشر والثالث عشر، تحقيق: محمد المصري، جـ1 (دمشق: وزارة الثقافة، 1996م)، 423-424؛ الآلوسي، محمود بن عبدالله، شهي النغم، تحقيق محمد العيد الخطراوي، (المدينة المنورة: مكتبة دار التراث، 1403هـ/ 1983م)، 211؛ الداغستاني، اللآلئ الثمينة، 158-162؛ كحالة، عمر رضا، معجم المؤلفين، تراجم مصنفي الكتب العربية، جـ4 (بيروت: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع، 1376هـ/1957م)، 196.
27- الكتاني، جـ1، 459.
28- الكتاني، جـ1، 459.
29- الداغستاني، تحفة الدهر، لوح .
30- الآلوسي، 211.
31- الحبشي، جـ1، 327، 329.
32- الحبشي، جـ1، 329، 399.
33- الحبشي، جـ1، 328 هامش؛ الكتاني، جـ1، 459.
34- البصري، 256.
35- البصري، 256.
36- البصري، 256
37- الكتاني، جـ1، 459؛ الزركلي، جـ3، 65.
38- الكتاني، جـ1، 459؛ الزركلي، جـ3، 65.
39- الكتاني، جـ1، 459؛ الزركلي، جـ3، 65.
40- الكتاني، جـ1، 459؛ الزركلي، جـ3، 65.
41- الداغستاني، اللآلئ الثمينة، 158؛ الكتاني، جـ1، 459؛ الزركلي، جـ3، 65.
42- الأنصاري، 30.
43- الحضراوي، جـ2، 44-45؛ الدهلوي، جـ1، 698؛ الصبحي، يوسف بن محمد، وسام الكرم في تراجم أئمة وخطباء الحرم، (بيروت: دار البشائر الإسلامية، 1426هـ/ 2005م)، 196.
تنبيه: ذكر الحضراوي [جـ2، 45]: أن للسيد صالح بن حسين جمل الليل ابنا هو حسين المترجم، فقال: «وخلفه ابنه الفاضل السيد حسين جمل الليل»، وتابعه الصبحي في (وسام الكرم)، 196. ولكن كلام الدهلوي وغازي يشي بغير ذلك، حيث قالا: «وخلف ابنه الفاضل السيد هاشم، والسيد الفاضل حسين جمل الليل»، زاد غازي الأمر توضيحاً بقوله: « والأخير قام بوظيفته»، مما يشعر بالمغايرة بين هاشم بن صالح بن حسين، وقريبه حسين بن صالح بن سالم، فلو كان حسين أخاً لهاشم لما فاتهم ذكره، علاوة على أنه لم يرد في المشجر الذي في كتاب (الشجرة الزكية) ذكر لحسين بن صالح بن حسين، فليحرر.
44- المكتبة الوطنية بجاكرتا، إجازة جمل الليل، عن معاينة الباحث.
45- جمل الليل، 661.
46- جمل الليل، 661.
47- الدهلوي، جـ1، 450؛ أبوالخير مرداد، عبد الله محمد، المختصر من كتاب نشر النور والزهر في تراجم أفاضل مكة من القرن العاشر إلى القرن الرابع عشر، تحقيق: محمد سعيد العامودي، وأحمد علي، ط2 (جدة: عالم المعرفة، 1406هـ/1986م)، 177؛ المعلمي، عبدالله بن عبدالرحمن، أعلام المكيين من القرن التاسع إلى القرن الرابع عشر الهجري، جـ1 (لندن: مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، 1421هـ/2000م)، 346؛ جمل الليل، 665؛ الصبحي، 96.
48- الداغستاني، تحفة الدهر، .
49- جمل الليل، 663.
50- صابان، سهيل، نصوص عثمانية عن الأوضاع الثقافية في الحجاز: الأوقاف، المدارس، المكتبات، تقديم وترجمة وتعليق الدكتور سهيل صابان، (الرياض: مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، 1422هـ – 2001م)، 110-11.
51- الحضراوي، جـ1، 373. ضمن ترجمة الشاعر الجهيني، ووعد بإيرادها في ترجمة السيد محمد، ولكن الجزء المطبوع من الكتاب لم يرد فيه شيء سوى هذين ا7لبيتين، لأن الجزء المتحصل من كتاب الحضراوي ينتهي في حرف القاف، كما ذكر المحقق في هامش الصفحة 373.
52- صابان، سهيل، مراسلات الباب العالي إلى ولاية الحجاز في الأرشيف العثماني، دفتر العينيات رقم 873 (1283-1291هـ / 1866-1875م)؛ ص 223.
53- صابان، سهيل، مراسلات الباب العالي إلى ولاية الحجاز في الأرشيف العثماني، دفتر العينيات رقم 873 (1283-1291هـ/ 1866-1875م)؛ 299-300.
54- جمل الليل، 666.
55- جمل الليل، 666-677.
56- جمل الليل، 715.
57- بن صديق، عبدالله أبوهشام، الأسر القرشية أعيان مكة المحمية، (جدة: مطبوعات تهامة، 1404هـ/ 1983م)، 168؛ سفر، حسن محمد، المطوف السيد علي شيخ جمل الليل، مقال منشور في منتديات موقع مكاوي forum.makkawi.com .
58- بن صديق، 168؛ سفر، حسن محمد، المطوف السيد علي شيخ جمل الليل، مقال منشور في منتديات موقع مكاوي forum.makkawi.com .
عن مدونة د. محمد أبوبكر باذيب في 13 مايو 2013